الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله ومن والاه، وبعد: فقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية أن أهل السنة والجماعة يتبرؤون من طريقة الروافض والشيعة الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب والخوارج الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، وأنهم يمسكون عما شجر بين الصحابة ويقولون: إن هذه الآثار المروية منها ما هو كذب ومنها ما هو قد زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منها هم فيه معذورون إما مجتهدون مصيبون وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك يعتقدون أن كل أحد من الصحابة ليس معصومًا عن كبائر الإثم وصغائره بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهم إن صدر، حتى أنهم يُغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، ولهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وكلهم عدول بتعديل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في قوله إنهم خير القرون، وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم، وبالجملة فكل من شهد له منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له ولا نشهد لأحد غيرهم، بل نرجو للمحسن ونخاف على المسيء ونكل علم الخلق إلى خالقه. فلا تغتر بزخارف المبطلين وانتحالهم وآراء المتكلمين، إن الرشد والهدى والفوز والرضا فيما جاء من عند الله ورسوله لا فيما أحدثه المحدثون وأتى به المتنطعون من آرائهم المضمحلة وعقولهم الفاسدة. فالصديقة بنت الصديق التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». [أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن حبان والترمذي وابن ماجه وأحمد]. وقد برأها الله سبحانه في كتابه، وهي زوجته في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم وكذب بكتابه الحكيم. [الدر المنثور 6/168] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن زيد في قوله: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور: 26]، «قال: نزلت في عائشة رضي الله عنها حين رماها المنافق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذلك وكان عبد الله بن أبي هو الخبيث فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثة ويكون لها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبًا وكان أولى أن يكون له الطيبة وكانت عائشة رضي الله عنها الطيبة فكانت أولى أن يكون لها الطيب». [أخرجه الطبراني في معجمه في الكبير]، وأخرج ابن مردويه والطبراني وأبو يعلى في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة وعند طيب ولقد وعدت مغفرة وأجرًا عظيمًا. وعن ذكوان حاجب عائشة رضي الله عنها قال: دخل ابن عباس رضي الله عنهما على عائشة رضي الله عنها فقال: أبشري ما بينك وبين أن تلقي محمدًا صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طيبًا، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأنزل الله أن يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [النساء:43]، وكان ذلك بسببك، وما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة، وأنزل الله تعالى براءتك من فوق سبع سماوات جاء بها الروح الأمين، فأصبح وليس مسجد من مساجد الله يذكر الله فيه إلا هي تتلى فيه آناء الليل وآناء النهار، قالت: دعني منك يا ابن عباس، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيًا منسيًا». [أخرجه أحمد والطبراني وأبو يعلى] وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك ؟ قال: «عائشة». قال: من الرجال ؟ قال: «أبوها». [أخرجه البخاري ومسلم وابن حبان والترمذي وابن ماجه وأحمد] وأخرج الحاكم عن الزهري قال: لو جُمِعَ علم الناس كلهم ثم علم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لكانت عائشة رضي الله عنها أوسعهم علمًا. وأخرج الحاكم عن عروة قال: ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب من عائشة رضي الله عنها. وأخرج الحاكم عن موسى بن طلحة قال: ما رأيت أحدًا أفصح من عائشة، رضي الله عنها. وأخرج أحمد في الزهد والحاكم عن الأحنف قال: سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم والخطباء هلم جرا، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من عائشة، رضي الله عنها. وأخرج سعيد بن منصور والحاكم عن مسروق أنه سئل: أكانت عائشة رضي الله عنها تحسن الفرائض؟ فقال: لقد رأيت الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض. وأخرج الحاكم عن عطاء قال: كانت عائشة رضي الله عنها أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيًا في العامة. وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت: خلالٌ فيَّ سبع لم تكن في أحد من الناس إلا ما آتى الله مريم بنت عمران، والله ما أقول هذا لكي أفتخر على صواحبي، قيل: وما هن؟ قالت: «نزل الملك بصورتي، وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع سنين، وأهديت إليه وأنا بنت تسع سنين، وتزوجني بكرًا، لم يشركه فِيَّ أحد من الناس، وأتاه الوحي وأنا وإياه في لحاف واحد، وكنت من أحب الناس إليه، ونزل فِيَّ آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيهن، ورأيت جبريل لم يره أحد من نسائه غيري، وقبض صلى الله عليه وسلم لم يله أحد غير الملك وأنا». وتمسك الرافضة في طعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وحاشاها من كل طعن بخروجها من المدينة إلى مكة ومنها إلى البصرة وهناك وقعت وقعة الجمل بهذه الآية: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33]، قالوا: إن الله تعالى أمر نساء النبي صلى الله عليه وسلم وهي منهن بالسكون في البيوت ونهاهن عن الخروج وهي بذلك قد خالفت أمر الله تعالى ونهيه عز وجل، وأجيب بأن الأمر بالاستقرار في البيوت والنهي عن الخروج ليس مطلقًا وإلا لما أخرجهن صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية للحج والعمرة ولما ذهب بهن في الغزوات، ولما رخص لهن لزيارة الوالدين وعيادة المرضى وتعزية الأقارب، وقد وقع كل ذلك كما تشهد به الأخبار، وقد صح أنهن كلهن كن يحججن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سودة بنت زمعة رضي الله عنها. وفي رواية عن أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه إلا زينب بنت جحش وسودة رضي الله عنهما، ولم ينكر عليهن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولا الأمير علي رضي الله عنه ولا غيره، وقد جاء في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال لهن بعد نزول الآية: «أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن» فعلم أن المراد الأمر بالاستقرار الذي يحصل به وقارهن وامتيازهن على سائر النساء بأن يلازمن البيوت في أغلب أوقاتهن ولا يكن خرَّاجات ولاَّجات طوَّافات في الطرق والأسواق وبيوت الناس، وهذا لا ينافي خروجهن للحج أو لما فيه مصلحة دينية مع التستر وعدم الابتذال، وعائشة رضي الله عنها إنما خرجت من بيتها إلى مكة للحج وخرجت معها لذلك أيضًا أم سلمة رضي الله عنها، وكذا صفية رضي الله عنها وهي مقبولة عند الشيعة، لكن عائشة لما سمعت بقتل عثمان رضي الله عنه وانحياز قتلته إلى علي رضي الله عنه حزنت حزنًا شديدًا واستشعرت اختلال أمر المسلمين وحصول الفساد والفتنة فيما بينهم، وبينما هي كذلك جاءها طلحة والزبير ونعمان بن بشير وكعب بن عجرة في آخرين من الصحابة رضي الله عنهم هاربين من المدينة خائفين من قتلة عثمان رضي الله عنه لما أنهم أظهروا المباهاة بفعلهم القبيح وأعلنوا بسب عثمان رضي الله عنه فضاقت قلوب أولئك الكرام وجعلوا يستقبحون ما وقع، وعلموا أن لا قدرة لهم على منعهم إذا هموا بذلك فخرجوا إلى مكة ولاذوا بأم المؤمنين رضي الله عنها وأخبروها الخبر فقالت لهم: أرى الصلاح أن لا ترجعوا إلى المدينة ما دام أولئك السفلة فيها محيطين بمجلس الأمير علي رضي الله عنه غير قادر على القصاص منهم أو طردهم، فأقيموا ببلد تأمنون فيه وانتظروا انتظام أمور أمير المؤمنين رضي الله عنه وقوة شوكته، واسعوا في تفرقهم عنه وإعانته على الانتقام منهم ليكونوا عبرة لمن بعدهم، فارتضوا ذلك واستحسنوه، فاختاروا البصرة، لما أنها كانت إذ ذاك مجمعًا لجنود المسلمين، ورجحوها على غيرها، وألحوا على أمهم رضي الله عنها أن تكون معهم إلى أن ترتفع الفتنة ويحصل الأمن وتنتظم أمور الخلافة، وأرادوا بذلك زيادة احترامهم لما أنها أم المؤمنين والزوج المحترمة غاية الاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها كانت أحب أزواجه إليه وأكثرهن قبولاً عنده، وبنت خليفته الأول رضي الله عنه فسارت معهم بقصد الإصلاح وانتظام الأمور وحفظ عدة نفوس من كبار الصحابة رضي الله عنهم، وكان معها ابن أختها عبد الله بن الزبير وغيره من أبناء أخواتها أم كلثوم زوج طلحة وأسماء زوج الزبير، بل كل من معها بمنزلة الأبناء في المحرمية، رضي الله عنهم أجمعين، وكانت في هودج من حديد، فَبَلَّغَ الأميرَ رضي الله عنه خبرَ التوجه إلى البصرة أولئك القتلةُ السفلةُ على غير وجهه، وحملوه على أن يخرج إليهم ويعاقبهم، وأشار عليه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم بعدم الخروج واللبث إلى أن يتضح الحال فأبى رضي الله عنه ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً فخرج رضي الله عنه ومعه أولئك الأشرار أهل الفتنة فلما وصلوا قريبًا من البصرة أرسلوا القعقاع إلى أم المؤمنين وطلحة والزبير رضي الله عنهم ليتعرف مقاصدهم ويعرضها على الأمير رضي الله عنه، فجاء القعقاع إلى أم المؤمنين رضي الله عنها فقال: يا أماه ما أشخصك وأقدمك هذه البلدة ؟ فقالت: أي بني الإصلاح بين الناس، ثم بعثته إلى طلحة والزبير رضي الله عنهما فقال القعقاع: أخبراني بوجه الصلاح ؟ قالا: إقامة الحد على قتلة عثمان رضي الله عنه وتطييب قلوب أوليائه فيكون ذلك سببًا لأمننا وعبرة لمن بعدهم، فقال القعقاع: هذا لا يكون إلا بعد اتفاق كلمة المسلمين وسكون الفتنة فعليكما بالمسالمة في هذه الساعة، فقالا: أصبت وأحسنت فرجع إلى الأمير رضي الله عنه فأخبره بذلك فسر به واستبشر وأشرف القوم على الرجوع ولبثوا ثلاثة أيام لا يشكون في الصلح، فلما غشيهم ليلة اليوم الرابع وقررت الرسل والوسائط في البين أن يظهروا المصالحة صبيحة هذه الليلة ويلاقي الأمير رضي الله عنهما طلحة والزبير رضي الله عنهما وأولئك القتلة ليسوا حاضرين معه وتحققوا ذلك ثقل عليهم واضطربوا وضاقت عليهم الأرض بما رحبت فتشاوروا فيما بينهم أن يغيروا على من كان مع عائشة رضي الله عنها من المسلمين ليظنوا الغدر من الأمير رضي الله عنه فيهجموا على عسكره فيظنوا بهم أنهم هم الذين غدروا فينشب القتال، ففعلوا ذلك فهجم من كان مع عائشة رضي الله عنها على عسكر الأمير، وصرخ أولئك القتلة بالغدر فالتحم القتال وركب الأمير متعجبًا فرأى الوطيس قد حمي والرجال قد سبحت بالدماء فلم يسعه رضي الله عنه إلا الاشتغال بالحرب والطعن والضرب. وقد نقل الواقعة الطبري وجماهير ثقات المؤرخين، فما خطر ببال أم المؤمنين رضي الله عنها أنها خرجت لفتنة، بل ظنت أن خروجها لعصمة دماء المسلمين، وأنهم سيعظمون خروجها ويقفون عند قولها فتنتهي الفتنة وتعصم الأمة من شرورها، لكن أهل الغدر والفتن أوقعوا الأصحاب في القتال بمكيدة خبيثة. أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن سعد عن مسروق قال: كانت عائشة رضي الله عنها إذا قرأت: «وقرن في بيوتكن» بكت حتى تبل خمارها وما ذاك إلا لأن قراءتها تذكرها الواقعة التي قتل فيها كثير من المسلمين، وهذا كما أن الأمير رضي الله عنه أحزنه ذلك فقد صح أنه رضي الله عنه لما وقع الانهزام على من مع أم المؤمنين رضي الله عنها وقتل من قتل من الجمعين طاف في مقتل القتلى فكان يضرب على فخذيه ويقول: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا، وليس بكاؤها عند قراءة الآية لعلمها بأنها أخطأت في فهم معناها أو أنها نسيتها يوم خرجت كما توهم بعضهم، وقد ينضم لما ذكرناه في سبب البكاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا لأزواجه المطهرات وفيهن عائشة رضي الله عنها: كأني بإحداكن تنبحها كلاب الحوأب، ولم تكن سألت قبل المسير عن الحوأب هل هو واقع في طريقها أم لا حتى نبحتها في أثناء المسير كلاب الحوأب، عند ماء فقالت لمحمد بن طلحة: ما اسم هذا الماء، فقال: يقولون له حوأب، فقالت: أرجعوني، وذكرت الحديث وامتنعت عن المسير وقصدت الرجوع، فلم يوافقها أكثر من معها ووقع التشاجر حتى شهد مروان بن الحكم مع نحو من ثمانين رجلاً من دهاقين تلك الناحية بأن هذا الماء ماء آخر وليس هو حوأبا فمضت لشأنها بسبب ذلك وتعذر الرجوع ووقوع الأمر فكأنها رضي الله عنها رأت سكوتها عن السؤال وتحقيق الحال قبل المسير تقصيرًا منها وذنبًا بالنسبة إلى مقامها فبكت له. وقد أكرمها علي رضي الله عنه وأحسن مثواها وبالغ في احترامها وردها إلى المدينة ومعها جماعة من نساء أعيان البصرة عزيزة كريمة وهذا مما يرد على الرافضة. فقد ثبت بالنصوص الصحيحة أن عثمان وعليًا وطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم من أهل الجنة بل قد ثبت في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة». [أخرجه مسلم وابن حبان والترمذي وابن ماجه وأبو داود وأحمد] وعن جابر رضي الله عنه أن عبدًا لحاطب رضي الله عنه جاء إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبًا، فقال: يا نبي الله ليدخلن حاطب النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبت، لا يدخلها؛ إنه قد شهد بدرًا والحديبية». [أخرجه مسلم وابن حبان والترمذي وأحمد والطبراني] وعن جابر رضي الله عنه عن أم مبشر رضي الله عنها عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأرجو ألا يدخل النار أحد إن شاء الله تعالى ممن شهد بدرًا والحديبية». قالت: يا رسول الله، أليس قد قال الله: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [مريم: 71]، قال: ألم تسمعيه يقول: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [مريم: 77]. [أخرجه مسلم وابن حبان والترمذي وابن ماجه وأبو داود وأبو أحمد والطبراني] وأبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم هم من الصحابة رضي الله عنهم ولهم فضائل ومحاسن، وما يحكى عنهم كثير منه كذب، والصدق منه قليل، وَهُمْ كانوا فيه مجتهدين فالمجتهد إذا أصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر، وخطؤه يغفر له.
|