| الرجال وأشباه الرجال 2513 زائر 27-07-2010 أبو عماد | ما اعتز أحد بوصف يطلق عليه قدر اعتــــزازه بأن يقال له " إنما أنت الرجل حق الرجل" ، وما غضب أحد من وصمة تُلصــــق به قدر غضــــــبه من قولة قائل له :" لست رجلا" ، وإذا كان للوصف بالرجولة كل هذا القـــدر من الأهمية ، حتى ليدفع سلبها من أحدهم ( وصفا له بأنه ليس رجلا ) إلى حـــد أن يقاتل القائل أو يقتله ، فما الرجولة؟ ومن أين لها هذه الأهمية ( في حياة الأســــوياء من الناس بالطبع)؟ هل الرجولة تساوي مجرد الذكورة؟ لو كان الأمــــــــر كذلك ما رأينا ملايين الذكور ، لا وزن لهم في الحياة ، إلا بكونهم أرقاما في إحصــــائيات تعداد السكان ، ولرأينا العالم يضج من امتلائه بأخلاقيات وسلوكات الأسوياء من الناس ( الذين يقام لهم يوم القيامة وزن ) .ومن أسف أننا نرى تعدادات ســكان العالم بالملــيـــارات ، ونبحث بينهم عن الرجال ( بميزان الرجولة الصادقة ) فلا نرى إلا القليل
. ويؤكد عدم اقتصار معنى الرجولة على مجـــــــرد الذكورة ، ما كانت النساء( الإناث) يأتين به في مواقف البأس ( الحــــرب)، ومواطن الرأي ( المشـــــورة ): لقد اهتزت الأرض من تحت أقدام كثير من الرجال في أُحد ، وغادر أحــــدهم أرض القتال ناجيا بنفسه ، فلقيته نسيبة بنت كعب ( وكانــت قــد خـــرجــت في الجيش لما تخرج له النساء من تطبيب ، وسقي جرحى) ، فلما رأته موليا انتزعت السيف من يده ، وذهبت تسد الثغرة في الصف المسلم المقاتل ، حتى قال عنها النبي - صلى الله عليه وسلم " ما تلفت يمنة أو يسرة إلا وجدت نــسيـــــبة تقاتل دوني" أو كما قال ، ذلك بينما كان بعض الذكور قد غادر ارض المعركة ، حتى وصل أبواب المدينة قبل أن تهدأ له نفس. ولقد تأزم الموقف يوم الحديبية حين لم يطع الرجــــــال أمر النبي - صلى الله عليه وسلم بنحر الهدي ، والحلق، ودخل الرسول الكريم بته غــاضبا يقول : هلك الناس، فتقول له زوجه : وما أهلكهم؟ قال أمرتهم أن ينحــــروا الهدي ويحلقوا فلم يطيعوا . قالت : أو تحب أن يفعلوا؟ اخرج إليهم ، فانحــــــر هديك ، واحلق شعرك ، وستراهم قد فعلوا ، وقد حدث ما أشارت به ، وجــاءت النتيجة وفق ما توقعت . وهذا هو سداد الرأي المنقذ حين يُحتاج إلى الرأي ، فأيـــن كان رأي الرجال ؟ فهل الرجولة هي الفحولة : امتدادا في الطول ، وقوةً في الساعــد والعضد ، وفتلا للشوارب ، واستعراضا لكمال الأجسام ؟ لو كان الأمر كذلك ، لعد الصناديد من كفار قريش رجالا ، ولما أهان الله ذوي الفتوة والفحولة منهم ، حتى حُزت منهم الرقاب بأيدي من كان ( ظاهـــــــرا) من أضعف الرجال بنية .. لقد كان الصحابة - رضوان الله عليهم جميعا - يتضاحكون من حماشة ســـــاق عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يعطــــيها وزنها الحقيقي فيقول إنها أثقل في الميزان من جبل أحد، وكانت هذه الســاق الحمشاء هي التي اعتلت صدر أبي جهل - بعد أن صرع الله عنفوانه في بــــدر
فما الرجولة إذن؟ مادامت ليست مجرد الذكورة ، ولا الفحولة؟! ذلك مضمون المقال التالي بإذنه تعالى
| | |