| وللنصرِ عتابٌ!! 2473 زائر 12-02-2011 أبو مهند القمري | واه شوقاه إليكم أيها الغرباء . . متى يأذن الله لنا باللقاء؟! أقصرت بكم الخطى عني ؟! أم حادت بكم الفرقة عن طريق السعداء؟! ماذا دهاكم؟! يا من أعلنتم لله بإيمانكم الولاء ؟! طالت والله غربتي عنكم!! فهلا أحييتم في قلبي أمل اللقاء؟! متى أظلكم بأفراحي؟! بل متى أمسح عن قلوبكم ألم العناء؟! متى سأنشر في ربوع الأرض بنصركم عزاً؟! بل متى سيرفرف في أياديكم اللواء؟!
سألت عنكم كتاب ربي يوماً . . فقال جفاني القوم ليلاً !! وانشغلوا عني بدنيا الهموم والبلاءٍ!! فقلت كيف يحيا من لكتاب ربي جفا؟! بل كيف لهم مواصلة طريق الأنبياء ؟! فقال منهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه . . كان بيني وبينهم بالليل أنساً . . وبالنهار . . كانت سيرتهم سيرة الأتقياء !! لكنهم رحلوا بعدما ضاقت بهم دنيا الأشقياء!! فقدموا على الله فرادى . . أملاً في حسن اللقاء !! فعزيت نفسي في فقدانهم قائلاً . . طوبى لهم وحسن مآب !!
ثم سألت عنكم هدي محمد (صلى الله عليه وسلم)!! فقال أذهَبَ الفاسقون سنة نبيهم (صلى الله عليه وسلم)!! فلما استمسك بها الغرباء، صاروا محل سخرية الأشقياء!! فقلت عساهم بالثبات عليها . . يبلغون منزلة الأولياء !! فهي حبل وصالهم بسيرة من كان لله أتقى الأتقياء !! وضمانهم من ربهم . . بالحشر مع خير الأنبياء !! فلا تضيعن السنة من بين أيديكم أبداً . . وإن رغمت بذلك أنوف التعساء !!
ثم عرَّجت على معسكر الأعداء يوماً؛ لأنظر، هل خارت منهم القوى في مواجهتكم أيها الشرفاء ؟! وأنهم أمام ثباتكم على الحق قد استسلموا . . أو على وشك رفع الراية البيضاء؟! فهالني والله ما كانوا عليه من الضحك والسخرية والاستهزاء!! أتدرون لماذا كانوا يضحكون؟! ضحكوا لما وجدوا فيكم من قلة الوعي بحقيقة وجوههم النكراء، وما يحيكونه لكم من المكر والدهاء!! ضحكوا لأنهم دبوا فيكم الفرقة وجعلوكم بخلافاتكم كالفرقاء !! ضحكوا لأنهم استدرجوا الفصيل الأكبر منكم إلى مستنقع الأهواء!! حين ظنوا أن بمقدورهم نصرة دين الله بألاعيب السياسية القذرة؛ فزاغوا ويا أسفاه عن هدي خير الأنبياء !! ضحكوا حين استغلوا حماس شبابكم الذين تفلتوا من أيديكم لهوانكم؛ فأوقعوهم في أفعال ألبسوا بها الدين ثوب التعدي وسفك الدماء!! ضحكوا حين ألبسوا على بعض طلاب العلم منكم أن الطغاة هم ولاة الأمر، وعليه فلهم منكم الطاعة والولاء!! ضحكوا حين غرسوا الخلاف بين دعاتكم، حتى صارت عقول البسطاء ساحة لصراع الدعاة الذين كان الظن فيهم ترك حظوظ الدنيا، والتجرد لله في الدعوة فقط لإنقاذ العباد !! كم آلمني والله ضحكهم !! بل آلمني ما رأيت من بعدكم عني . . بسبب ابتعاد مسيرتكم عن نهج الأنبياء!!
نعم . . نهج الأنبياء فلقد تأخر النصر عنكم لبعدكم عن هذا النهج الذي جمعه الله لكم في هاتين الآيتين من كتابه : {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا، وأوذوا حتى أتاهم نصرنا، ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين (34) وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى، فلا تكونن من الجاهلين(35)} (الانعام)
فالأنبياء لم يواجهوا بتكذيب الناس لهم إلا بعدما قاموا بواجب دعوتهم . .
ولم يقوموا بواجب الدعوة، حتى علموا عن الله ما يدعون الناس إليه . .
فلمَّا كذبهم الناس صبروا وصبروا؛ حتى اختبر الله صدقهم في ثباتهم على منهجهم واستقامتهم في دعوة الناس إلى بارئهم، فأروا الله من أنفسهم خيراً بصدق الثبات؛ فاتصلت لهم حبال الأرض بحبال السماء!!
وهيأ الله لهم أسباب النصر، وما أيسر ذلك على من بيده مقاليد الأرض والسماء!!
فمن هذا الذي يستعظم النصر على الله جبار الأرض والسماء؟!
وإنما الذي يجب عليكم استعظامه، ووضعه نصب أعينكم، هو بلوغكم لهذه المنزلة من صدق التوجه لرب العباد، وثبات الخطى على الطريق، وتجريد النفس من أهوائها، وحمل هم الدعوة وبذل كل ما أوتيتم في سبيلها من ملكات!! حيينها فقط، ستهون عليكم نفوسكم لله؛ وسوف تصدع كلمة الحق على ألسنتكم، غير آبهة بما يمكن وقوعه من أذى العباد، فتواصلون الطريق جيلاً بعد جيل، حتى يمن الله عليكم بالنصر والميعاد!!
هذا هو الطريق . . وإلا صرتم ممن وصفهم الله في الآية الثانية بالجهل، لماالأنفاق أو تسلق سلالم الأوهام؛ فقط لتحقيق نصر زائف، سرعان ما يزول أثره عن أمتكم، لتسقط مجدداً في براثن الأعداء !!
فإذا ما اتضحت أمامكم معالم الطريق إلى النصر . . وجب عليكم العلم بأن تلك الطريق ليست مفروشة بالورود والرياحين!!
وإنما هي طريق شاقة وصعبة، لأن معنى الأذى قد يشمل القول والفعال!!
وهنا يجب أن تتهيأ النفوس المخلصة الصادقة للتضحيات، وتعلم أنه لا بأس في سبيل هذا الدين بأن تهون الحياة بكل ما فيها!!
لا بأس بأن تسيل الدماء!!
لا بأس بأن تزهق الأرواح!!
فالإسلام شجرة تروى وتترعرع بدماء الشهداء!!
وقوى الطغيان لن تتنازل عن عروشها دون تضحية أهل الحق والفداء!!
لذا يجب أن تحتسبوا أيها الغرباء حياتكم كلها لله، والسعيد وحده، هو من ثبته الله على هذا الطريق حتى النهاية؛ فإما أن يلقى الله وهو سائر عليه؛ فيسعد برضوانه وجنته!! وإما أن يدرك (النصر) مع إخوانه من دعاة الحق، فيجمع الله له سعادة الدارين بإذن الله . . ألا فسيروا على بركة الله يا دعاة الحق، حيث سار قبلكم الأنبياء
فبهذا المنهج وحده ستهب عليكم رياح النصر في الحياة
وتنعمون برضوان الله يوم تعز النجاة | | |