Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة التوبة - الآية 129

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) (التوبة) mp3
وَهَكَذَا أَمَرَهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَهِيَ قَوْله تَعَالَى " فَإِنْ تَوَلَّوْا " أَيْ تَوَلَّوْا عَمَّا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ الشَّرِيعَة الْعَظِيمَة الْمُطَهَّرَة الْكَامِلَة الشَّامِلَة " فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ " أَيْ اللَّه كَافِيَّ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت كَمَا قَالَ تَعَالَى " رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا " " وَهُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم " أَيْ هُوَ مَالِك كُلّ شَيْء وَخَالِقه لِأَنَّهُ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم الَّذِي هُوَ سَقْف الْمَخْلُوقَات وَجَمِيع الْخَلَائِق مِنْ السَّمَوَات وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنهمَا تَحْت الْعَرْش مَقْهُورُونَ بِقُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى وَعِلْمه مُحِيط بِكُلِّ شَيْء وَقَدَره نَافِذ فِي كُلّ شَيْء وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء وَكِيل قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي حَدَّثَنَا بِشْر بْن عُمَر حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ يُوسُف بْن مَهْرَان عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : آخِر آيَة نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآن هَذِهِ الْآيَة " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسكُمْ " إِلَى آخِر السُّورَة . وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا رَوْح حَدَّثَنَا عَبْد الْمُؤْمِن حَدَّثَنَا عُمَر بْن شَقِيق حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْقُرْآن فِي مَصَاحِف فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَكَانَ رِجَال يَكْتُبُونَ وَيُمْلِي عَلَيْهِمْ أُبَيّ بْن كَعْب فَلَمَّا اِنْتَهَوْا إِلَى هَذِهِ الْآيَة مِنْ سُورَة بَرَاءَة " ثُمَّ اِنْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّه قُلُوبهمْ " الْآيَة فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا آخِر مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن فَقَالَ لَهُمْ أُبَيّ بْن كَعْب إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِي بَعْدهَا آيَتَيْنِ " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسكُمْ " إِلَى آخِر السُّورَة قَالَ هَذَا آخِر مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآن فَخَتَمَ بِمَا فَتْح بِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَهُوَ قَوْل اللَّه تَعَالَى " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ " وَهَذَا غَرِيب أَيْضًا وَقَالَ أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن بَحْر حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سَلَمَة عَنْ مُحَمَّد بْن إسْحَاق عَنْ يَحْيَى بْن عَبَّاد عَنْ أَبِيهِ عَبَّاد بْن الزُّبَيْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ أَتَى الْحَارِث بْن خُزَيْمَة بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِر بَرَاءَة " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسكُمْ " إِلَى عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ مَنْ مَعَك عَلَى هَذَا ؟ قَالَ لَا أَدْرِي وَاَللَّه إِنِّي لَأَشْهَد لَسَمِعْتهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَوَعَيْتهَا وَحَفِظْتهَا فَقَالَ عُمَر : وَأَنَا أَشْهَد لَسَمِعْتهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : لَوْ كَانَتْ ثَلَاث آيَات لَجَعَلْتهَا سُورَة عَلَى حِدَة فَانْظُرُوا سُورَة مِنْ الْقُرْآن فَضَعُوهَا فِيهَا فَوَضَعُوهَا فِي آخِر بَرَاءَة وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا بِجَمْعِ الْقُرْآن فَأَمَرَ زَيْد بْن ثَابِت فَجَمَعَهُ وَكَانَ عُمَر يَحْضُرهُمْ وَهُمْ يَكْتُبُونَ ذَلِكَ . وَفِي الصَّحِيح أَنَّ زَيْدًا قَالَ فَوَجَدْت آخِر سُورَة بَرَاءَة مَعَ خُزَيْمَة بْن ثَابِت أَوْ أَبِي خُزَيْمَة وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة تَذَكَّرُوا ذَلِكَ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ خُزَيْمَة بْن ثَابِت حِين اِبْتَدَأَهُمْ بِهَا وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ يَزِيد بْن مُحَمَّد عَنْ عَبْد الرَّزَّاق بْن عُمَر - وَقَالَ كَانَ مِنْ ثِقَات الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ - عَنْ مُدْرِك بْن سَعْد قَالَ يَزِيد شَيْخ ثِقَة عَنْ يُونُس بْن مَيْسَرَة عَنْ أَمْ الدَّرْدَاء عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء قَالَ : " مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى حَسْبِيَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَهُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم سَبْع مَرَّات إِلَّا كَفَاهُ اللَّه مَا أَهَمَّهُ " وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة عَبْد الرَّزَّاق عَنْ عُمَر هَذَا مِنْ رِوَايَة أَبَى زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ عَنْهُ عَنْ أَبِي سَعْد مُدْرِك بْن أَبِي سَعْد الْفَزَارِيّ عَنْ يُونُس بْن مَيْسَرَة بْن حَلْبَس عَنْ أُمّ الدَّرْدَاء سَمِعْت أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول " مَا مِنْ عَبْد يَقُول حَسْبِيَ اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلَتْ وَهُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم سَبْع مَرَّات صَادِقًا كَانَ بِهَا أَوْ كَاذِبًا إِلَّا كَفَاهُ اللَّه مَا أَهَمَّهُ " وَهَذِهِ زِيَادَة غَرِيبَة ثُمَّ رَوَاهُ فِي تَرْجَمَة عَبْد الرَّزَّاق أَبِي مُحَمَّد عَنْ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّزَّاق عَنْ جَدّه عَبْد الرَّزَّاق بْن عُمَر بِسَنَدِهِ فَرَفَعَهُ فَذَكَرَ مِثْله بِالزِّيَادَةِ وَهَذَا مُنْكَر وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • العلاقة المثلى بين العلماء والدعاة ووسائل الاتصال الحديثة في ضوء الكتاب والسنة

    العلاقة المثلى بين العلماء والدعاة ووسائل الاتصال الحديثة في ضوء الكتاب والسنة: بحثٌ مختصر في «العلاقة المثلى بين العلماء والدعاة، ووسائل الاتصال الحديثة» ألَّفه الشيخ - حفظه الله - قديمًا، ثم نظر فيه مؤخرًا، فوجده مفيدًا لخطر وسائل الإعلام الحديثة إذا تُرِك الحبل على الغارب لدعاة الضلالة، فهو يُبيِّن فيه واقع وسائل الاتصال الحديثة وبعض فوائدها وكثير ضررها، مع بيان ضرورة الدعوة إلى الله بالحكمة، ثم ذكر في الأخير خطر وأهمية وسائل الاتصال الحديثة، وذكر بعض الأمثلة على هذه الوسائل وكيفية الاستفادة منها في نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى، وكل ذلك مشفوعٌ بالدليل من الكتاب والسنة وأقوال العلماء المعاصرين.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/320895

    التحميل:

  • سلاح اليقظان لطرد الشيطان

    سلاح اليقظان لطرد الشيطان: قال المؤلف - رحمه الله -:- « فقد رأيت أن أحمع مختصرًا يحتوي على سور وآيات من كلام الله وأحاديث من كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن كلام أهل العلم مما يحث على طاعة الله وطاعة رسوله والتزود من التقوى لما أمامنا في يوم تشخص فيه الأبصار ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2558

    التحميل:

  • كلمة في فقه الدعاء

    كلمة في فقه الدعاء: الفقه في الدعاء فقهٌ في الدين; وفقهٌ في عبادة الله - جل وعلا -; وفي هذا الكتاب بيان فضل الدعاء; وأهميته; وآدابه; وغير ذلك من مهمات فقه الدعاء.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316781

    التحميل:

  • بدائع الفوائد

    بدائع الفوائد : من جملة أغراض التأليف وألوانه التي أَلِفَ العلماء الكتابة فيها: تقييدُ ما يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلال محرَّر، أو ترتيب مُبتكر، أو استنباط دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقت ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان. يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو"التذكرة" أو "الزنبيل" أو"الكنَّاش" أو "المخلاَة" أو"الفنون" أو"السفينة" أو"الكشكول" وغيرها. وهم في تلك الضمائم والمقيَّدات يتفاوتون في جَوْدة الاختيار، وطرافة الترتيب، وعُمْق الفكرة = تفاوتَ علومهم وقرائحهم، وفهومهم ومشاربهم، فاختيار المرء – كما قيل وما أصدق ماقيل ! – قطعةٌ من عقله ، ويدلُّ على المرء حسنُ اختياره ونقله. إلا أن تلك الكتب تجمعها - في الجملة - أمور مشتركة؛ كغلبة النقل، وعزة الفوائد، وعدم الترتيب، وتنوُّع المعارف. ومن أحسن الكتب المؤلَّفة في هذا المضمار كتاب "بدائع الفوائد" للإمام العلامة شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أبي بكر ، المعروف بابن قيِّم الجوزية، المتوفي سنة (751) رحمة الله عليه. وهو كتابٌ مشحونٌ بالفوائد النادرة، والقواعد الضابطة ، والتحقيقات المحرَّرة، والنقول العزيزة، والنِّكات الطريفة المُعْجِبَة؛ في التفسير، والحديث، والأصلين، والفقه، وعلوم العربية. إضافة إلى أنواع من المعارف، من المناظرات، والفروق، والمواعظ والرِّقاق وغيرها، مقلِّداً أعناق هذه المعارف سِمطاً من لآلئ تعليقاته المبتكرة.

    المدقق/المراجع: علي بن محمد العمران

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265598

    التحميل:

  • التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية

    التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا شرحٌ مختصرٌ للقصيدة السنيَّة والمنظومة البهيَّة المشهورة بـ (الحائية) لناظمها الإمام المُحقِّق والحافظ المُتقِن شيخ بغداد أبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ابن صاحب السنن الإمام المعروف - رحمهما الله -».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344673

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة