Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنفال - الآية 2

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) (الأنفال) mp3
قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ " قَالَ : الْمُنَافِقُونَ لَا يَدْخُل قُلُوبَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذِكْر اللَّه عِنْد أَدَاء فَرَائِضه وَلَا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِنْ آيَات اللَّه وَلَا يَتَوَكَّلُونَ وَلَا يُصَلُّونَ إِذَا غَابُوا وَلَا يُؤَدُّونَ زَكَاة أَمْوَالهمْ فَأَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ ثُمَّ وَصَفَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ " فَأَدَّوْا فَرَائِضَهُ " وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا " يَقُول زَادَتْهُمْ تَصْدِيقًا " وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ " يَقُول لَا يَرْجُونَ غَيْره وَقَالَ مُجَاهِد " وَجِلَتْ قُلُوبهمْ " فَرَقَتْ أَيْ فَزِعَتْ وَخَافَتْ وَكَذَا قَالَ السُّدِّيّ وَغَيْر وَاحِد وَهَذِهِ صِفَة الْمُؤْمِن حَقُّ الْمُؤْمِن الَّذِي إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَ قَلْبه أَيْ خَافَ مِنْهُ فَفَعَلَ أَوَامِره وَتَرَكَ زَوَاجِره كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَة أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ ذَكَرُوا اللَّه فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى " وَلِهَذَا قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : سَمِعْت السُّدِّيّ يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ " قَالَ : هُوَ الرَّجُل يُرِيد أَنْ يَظْلِم أَوْ قَالَ يَهُمّ بِمَعْصِيَةٍ فَيُقَال لَهُ اِتَّقِ اللَّه فَيَجِلُ قَلْبه وَقَالَ الثَّوْرِيّ أَيْضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ عَنْ أُمّ الدَّرْدَاء فِي قَوْله " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ " قَالَ الْوَجَل فِي الْقَلْب كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَة أَمَا تَجِد لَهُ قَشْعَرِيرَة ؟ قَالَ : بَلَى قَالَتْ : إِذَا وَجَدْت ذَلِكَ فَادْعُ اللَّه عِنْد ذَلِكَ فَإِنَّ الدُّعَاء يُذْهِب ذَلِكَ وَقَوْله " وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا " كَقَوْلِهِ " وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَة فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول أَيّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ " وَقَدْ اِسْتَدَلَّ الْبُخَارِيّ وَغَيْره مِنْ الْأَئِمَّة بِهَذِهِ الْآيَة وَأَشْبَاههَا عَلَى زِيَادَة الْإِيمَان وَتَفَاضُله فِي الْقُلُوب كَمَا هُوَ مَذْهَب جُمْهُور الْأُمَّة بَلْ قَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِد مِنْ الْأَئِمَّة كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَأَبِي عُبَيْد كَمَا بَيَّنَّا ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي أَوَّل شَرْح الْبُخَارِيّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة " وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ " أَيْ لَا يَرْجُونَ سِوَاهُ وَلَا يَقْصِدُونَ إِلَّا إِيَّاهُ وَلَا يَلُوذُونَ إِلَّا بِجَنَابِهِ وَلَا يَطْلُبُونَ الْحَوَائِج إِلَّا مِنْهُ وَلَا يَرْغَبُونَ إِلَّا إِلَيْهِ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّهُ الْمُتَصَرِّف فِي الْمُلْك وَحْدَهُ لَا شَرِيك لَهُ وَلَا مُعَقِّب لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيع الْحِسَاب وَلِهَذَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر التَّوَكُّل عَلَى اللَّه جِمَاع الْإِيمَان .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الوصية الخالدة

    الوصية الخالدة: قال الكاتب: فهذه رسالة لطيفة في (توحيد رب العالمين) كتبتها بعد لقائي بسيد من سادات آل بيت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذين نجلهم ونتقرب إلى الله تعالى بحبهم. والذي أشار عليّ مشكوراً أن أكتب رسالة في التوحيد مدبجة بنصوص القرآن والسنة وكلام أئمة آل البيت لما في ذلك من الفائدة والنفع لعموم الأمة. فاستجبت لرغبته على استيحاء مني أن أتقدم على من يفضلني علماً وتقوى لكني رأيت أنّ تخاذلي عن كتابة هذه الرسالة هو كتمان للعلم خصوصاً أني وقفت على روايات لآل بيت النبوة تخالف ما يدّعيه بعض المنتسبين إلى مذهبهم اليوم. فقد تتابعت الفتن في هذا الزمان حتى أصبح ذو القلب الحي ينكر ما يراه ويسمعه، يسأل الله تعالى أن لا يجعل فتنته في دينه. وأي فتنة أعظم من فتنة الانصراف عن تحقيق معنى الشهادتين - شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله - فكم من فاتن عنها بعلم، وكم من مفتون عنها بتقليد. فكان من الواجب عليّ أن أشحذ همتي، وأقوي عزيمتي مستعيناً بالله تعالى، سائلاً إياه التوفيق والسداد في إيصال كلمتي للناس، فإن بلغت ما أرجو لها أن تبلغه فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، وإن لم تبلغ ذلك سألت الله تعالى أن لا يحرمني الأجر وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم، لا رياء فيه ولا سمعة. وليعلم القارئ الكريم أنّ إرضاء الناس غاية لا تدرك، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الناس إلى الناس، ومن أرضى الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/260209

    التحميل:

  • الدرة في سنن الفطرة

    في هذه الرسالة بيان سنن الفطرة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209151

    التحميل:

  • حكم الطهارة لمس القرآن الكريم

    حكم الطهارة لمس القرآن الكريم: بحث فقهي مقارن في مسألة حكم الطهارة لمس القرآن الكريم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1934

    التحميل:

  • الغلو في التكفير بين أهل السنة والجماعة وغلاة الشيعة الاثني عشرية

    الغلو في التكفير بين أهل السنة والجماعة وغلاة الشيعة الاثني عشرية: رسالةٌ عقد فيها المؤلف مقارنةً بين أهل السنة والجماعة والشيعة الاثني عشرية في التكفير، وبيَّن من هو المُكفِّر بعلمٍ على ضوء من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومن الذي أسرف في التكفير واتهم المسلمين بلا علم!! وقد جعله في ثلاثة فصول وخاتمة: الفصل الأول: في خطورة التكفير، وحرمة القول فيه بلا علم. الفصل الثاني: في بيان ضوابط وقواعد التكفير عند أهل السنة والجماعة. الفصل الثالث: في ذكر أقوال ونصوص علماء غلاة الشيعة الاثني عشرية في تكفير المخالف لهم. - قدَّم للكتاب: فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم السعيدي - حفظه الله - رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بجامعة أم القرى.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/333192

    التحميل:

  • كيف نستقبل شهر رمضان المبارك؟

    هذه الرسالة تتحدث عن كيفية استقبال شهر رمضان المبارك، مع بيان بعض الملاحظات والتنبيهات على أخطاء بعض الصائمين والقائمين في شهر رمضان.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/231258

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة