Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 205

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205) (الأعراف) mp3
يَأْمُر تَعَالَى بِذِكْرِهِ أَوَّل النَّهَار وَآخِره كَثِيرًا كَمَا أَمَرَ بِعِبَادَتِهِ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ فِي قَوْله " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك قَبْل طُلُوع الشَّمْس وَقَبْل الْغُرُوب " وَقَدْ كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تُفْرَض الصَّلَوَات الْخَمْس لَيْلَة الْإِسْرَاء وَهَذِهِ الْآيَة مَكِّيَّة وَقَالَ هَاهُنَا بِالْغُدُوِّ وَهُوَ أَوَّل النَّهَار وَالْآصَال جَمْع أَصِيل كَمَا أَنَّ الْأَيْمَان جَمْع يَمِين وَأَمَّا قَوْله " تَضَرُّعًا وَخِيفَة " أَيْ اُذْكُرْ رَبّك فِي نَفْسك رَغْبَة وَرَهْبَة وَبِالْقَوْلِ لَا جَهْرًا وَلِهَذَا قَالَ " وَدُون الْجَهْر مِنْ الْقَوْل " وَهَكَذَا يُسْتَحَبّ أَنْ يَكُون الذِّكْر , لَا يَكُون نِدَاء وَجَهْرًا بَلِيغًا وَلِهَذَا لَمَّا سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : أَقَرِيب رَبّنَا فَنُنَاجِيه أَمْ بَعِيد فَنُنَادِيه ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ" وَإِذَا سَأَلَك عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب أُجِيب دَعْوَة الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي " . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : رَفَعَ النَّاس أَصْوَاتهمْ بِالدُّعَاءِ فِي بَعْض الْأَسْفَار فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَيّهَا النَّاس ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيع قَرِيب أَقْرَب إِلَى أَحَدكُمْ مِنْ عُنُق رَاحِلَته " وَقَدْ يَكُون الْمُرَاد مِنْ هَذِهِ الْآيَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى " وَلَا تَجْهَر بِصَلَاتِك وَلَا تُخَافِت بِهَا وَابْتَغِ بَيْن ذَلِكَ سَبِيلًا " فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآن سَبُّوهُ وَسَبُّوا مَنْ أَنْزَلَهُ وَسَبُّوا مَنْ جَاءَ بِهِ فَأَمَرَهُ اللَّه تَعَالَى أَنْ لَا يَجْهَر بِهِ لِئَلَّا يَنَال مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ وَلَا يُخَافِت بِهِ عَنْ أَصْحَابه فَلَا يُسْمِعهُمْ وَلْيَتَّخِذْ سَبِيلًا بَيْن الْجَهْر وَالْإِسْرَار وَكَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة" وَدُون الْجَهْر مِنْ الْقَوْل بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال وَلَا تَكُنْ مِنْ الْغَافِلِينَ " وَقَدْ زَعَمَ اِبْن جَرِير وَقَبْله عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ أَنَّ الْمُرَاد بِهَا أَمْر السَّامِع لِلْقُرْآنِ فِي حَال اِسْتِمَاعه بِالذِّكْرِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَة وَهَذَا بَعِيد مُنَافٍ لِلْإِنْصَاتِ الْمَأْمُور بِهِ ثُمَّ إِنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ فِي الصَّلَاة كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ فِي الصَّلَاة وَالْخُطْبَة وَمَعْلُوم أَنَّ الْإِنْصَات إِذْ ذَاكَ أَفْضَل مِنْ الذِّكْر بِاللِّسَانِ سَوَاء كَانَ سِرًّا أَوْ جَهْرًا فَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ لَمْ يُتَابَعَا عَلَيْهِ بَلْ الْمُرَاد الْحَضّ عَلَى كَثْرَة الذِّكْر مِنْ الْعِبَاد بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال لِئَلَّا يَكُونُوا مِنْ الْغَافِلِينَ وَلِهَذَا مَدَحَ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يَفْتُرُونَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الكذب

    الكذب: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من سبر أحوال غالب الناس اليوم ، وجد بضاعتهم في الحديث «الكذب»، وهم يرون أن هذا من الذكاء والدهاء وحسن الصنيع، بل ومن مميزات الشخصية المقتدرة. ولقد نتج عن هذا الأمر عدم الثقة بالناس حتى إن البعض لا يثق بأقرب الناس إليه، لأن الكذب ديدنه ومغالطة الأمور طريقته. وهذا الكتيب هو الثالث من «رسائل التوبة» يتحدث عن الكذب: أدلة تحريمه، وأسبابه، وعلاجه. وفيه مباحث لطيفة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/345925

    التحميل:

  • التفكر في ملكوت السماوات والأرض وقدرة الله تعالى

    التفكر في ملكوت السماوات والأرض وقدرة الله تعالى : رسالة مختصرة تحتوي على معنى التفكر، الآثار وأقوال العلماء الواردة في التفكر، بعض فوائد التفكر، طريق التفكر وكيف يتحقق؟ بيان ثمرة التفكر.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66756

    التحميل:

  • منهج أهل السنة في توحيد الأمة

    منهج أهل السنة في توحيد الأمة: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن موضوع هذه الرسالة موضوعٌ عظيمٌ، وكبيرٌ جدًّا، وكل مسلمٍ يتطلَّعُ غايةَ التطلُّع إلى تحقيق هذا المطلَب الجليل وهذا الهدف العظيم، وهو: توحيد كلمة المسلمين وجمعُ صفِّهم، ولمُّ شعَثِهم وجمعُهم على كلمةٍ سواء، لا شكَّ أن كلَّ مسلمٍ يتطلَّعُ إلى تحقيق هذا الأمر والقيام به، ولكن للقيام بهذا المطلب نجد في الساحة حلولاً كثيرةً، وآراءً متفرقة، واتجاهاتٍ مُتباينة في تحديد العلاج الناجح والسبيل الأقوم في جمع كلمة المسلمين ولمِّ صفِّهم وجمع شتاتهم».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344680

    التحميل:

  • التوحيد أولا يا دعاة الإسلام

    التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام : رسالة عظيمة النفع والفائدة للعامة والخاصة؛ يُجيب فيها عالم من علماء هذا العصر وهو فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى -، على سؤال يدور على ألسنة الغيورين على هذا الدين الذي يحملونه في قلوبهم ويشغلون فكرهم به ليلًا ونهارًا ومجمل السؤال هو: ما هو السبيل إلى النهوض بالمسلمين وما هو الطريق الذي يتخذونه حتى يمكن الله لهم ويضعهم في المكان اللائق بهم بين الأمم؟ فأجاب - رحمه الله - على هذا السؤال إجابة مفصلة واضحة. ولما لهذه الإجابة من حاجة، رأينا نشرها. فأسأل الله تعالى أن ينفع بها وأن يهدي المسلمين إلى ما يحب ويرضى؛ إنه جواد كريم.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117122

    التحميل:

  • المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية تاريخها ومخاطرها

    المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية : فإن أعداء الله عباد الصليب وغيرهم من الكافرين، أنزلوا بالمسلمين استعماراً من طراز آخر هو: " الاستعمار الفكري " وهو أشد وأنكى من حربهم المسلحة! فأوقدوها معركة فكرية خبيثة ماكرة، وناراً ماردة، وسيوفاً خفية على قلوب المسلمين باستعمارها عقيدة وفكراً ومنهج حياة؛ ليصبح العالم الإسلامي غربياً في أخلاقه ومقوماته، متنافراً مع دين الإسلام الحق، وكان أنكى وسائله: جلب " نظام التعليم الغربي " و" المدارس الاستعمارية – الأجنبية العالمية " إلى عامة بلاد العالم الإسلامي، ولم يبق منها بلد إلا دخلته هذه الكارثة، وفي هذا الكتاب بيان تاريخ هذه المدارس ومخاطرها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117118

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة