Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 156

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) (الأعراف) mp3
" وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة " الْفَصْل الْأَوَّل مِنْ الدُّعَاء دَفْع لِمَحْذُورٍ وَهَذَا لِتَحْصِيلِ الْمَقْصُود " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة " أَيْ أَوْجِبْ لَنَا وَأَثْبِتْ لَنَا فِيهِمَا حَسَنَة وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِير الْحَسَنَة فِي سُورَة الْبَقَرَة " إِنَّا هُدْنَا إِلَيْك" أَيْ تُبْنَا وَرَجَعْنَا وَأَنَبْنَا إِلَيْك قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَمُجَاهِد وَأَبُو الْعَالِيَة وَالضَّحَّاك وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد وَهُوَ كَذَلِكَ لُغَة وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ شَرِيك عَنْ جَابِر عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى عَنْ عَلِيّ قَالَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ الْيَهُود لِأَنَّهُمْ قَالُوا " إِنَّا هُدْنَا إِلَيْك " جَابِر بْن يَزِيد الْجُعْفِيّ ضَعِيف . يَقُول تَعَالَى مُجِيبًا لِنَفْسِهِ فِي قَوْله " إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتك " الْآيَة . قَالَ" عَذَابِي أُصِيب بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء" أَيْ أَفْعَل مَا أَشَاء وَأَحْكُم مَا أُرِيد وَلِي الْحِكْمَة وَالْعَدْل فِي كُلّ ذَلِكَ سُبْحَانه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَقَوْله تَعَالَى" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْء " الْآيَة عَظِيمَة الشُّمُول وَالْعُمُوم كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ حَمَلَة الْعَرْش وَمَنْ حَوْله أَنَّهُمْ يَقُولُونَ " رَبّنَا وَسِعْت كُلّ شَيْء رَحْمَة وَعِلْمًا" . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيّ عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه الْجُشَمِيّ حَدَّثَنَا جُنْدُب هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيّ فَأَنَاخَ رَاحِلَته ثُمَّ عَقَلَهَا ثُمَّ صَلَّى خَلْف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى رَاحِلَته فَأَطْلَقَ عِقَالهَا ثُمَّ رَكِبَهَا ثُمَّ نَادَى اللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تُشْرِك فِي رَحْمَتنَا أَحَدًا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَتَقُولُونَ هَذَا أَضَلّ أَمْ بَعِيره أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ ؟ " قَالُوا بَلَى قَالَ " لَقَدْ حَظَرْت الرَّحْمَة الْوَاسِعَة إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ مِائَة رَحْمَة فَأَنْزَلَ رَحْمَة يَتَعَاطَف بِهَا الْخَلْق جِنّهَا وَإِنْسهَا وَبَهَائِمهَا وَأَخَّرَ عِنْده تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَة أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلّ أَمْ بَعِيره ؟ " . رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيّ بْن نَصْر عَنْ عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث بِهِ وَقَالَ أَحْمَد أَيْضًا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ سُلَيْمَان عَنْ أَبِي عُثْمَان عَنْ سَلْمَان عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِائَة رَحْمَة فَمِنْهَا رَحْمَة يَتَرَاحَم بِهَا الْخَلْق وَبِهَا تَعْطِف الْوُحُوش عَلَى أَوْلَادهَا وَأَخَّرَ تِسْعَة وَتِسْعِينَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " . تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِم فَرَوَاهُ مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان هُوَ اِبْن طَرْخَان وَدَاوُد بْن أَبِي هِنْد كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عُثْمَان وَاسْمه عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلّ عَنْ سَلْمَان هُوَ الْفَارِسِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا حَمَّاد عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ مِائَة رَحْمَة عِنْده تِسْعَة وَتِسْعُونَ وَجَعَلَ عِنْدكُمْ وَاحِدَة تَتَرَاحَمُونَ بِهَا بَيْن الْجِنّ وَالْإِنْس وَبَيْن الْخَلْق فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ضَمَّهَا إِلَيْهِ " تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَد مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَالَ أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِد حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لِلَّهِ مِائَة رَحْمَة فَقَسَمَ مِنْهَا جُزْءًا وَاحِدًا بَيْن الْخَلْق بِهِ يَتَرَاحَم النَّاس وَالْوَحْش وَالطَّيْر " . وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث أَبِي مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش بِهِ وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُونُس حَدَّثَنَا سَعْد أَبُو غَيْلَان الشَّيْبَانِيّ عَنْ حَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ صِلَة بْن زُفَر عَنْ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّة الْفَاجِر فِي دِينه الْأَحْمَق فِي مَعِيشَته وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّة الَّذِي قَدْ مَحَشَتْهُ النَّار بِذَنْبِهِ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَغْفِرَنَّ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة مَغْفِرَة يَتَطَاوَل لَهَا إِبْلِيس رَجَاء أَنْ تُصِيبهُ " . هَذَا حَدِيث غَرِيب جِدًّا وَسَعْد هَذَا لَا أَعْرِفهُ وَقَوْله " فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " الْآيَة . يَعْنِي فَسَأُوجِبُ حُصُول رَحْمَتِي مِنَّة مِنِّي وَإِحْسَانًا إِلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " كَتَبَ رَبّكُمْ عَلَى نَفْسه الرَّحْمَة " وَقَوْله" لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ " أَيْ سَأَجْعَلُهَا لِلْمُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَات وَهُمْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ" الَّذِينَ يَتَّقُونَ " أَيْ الشِّرْك وَالْعَظَائِم مِنْ الذُّنُوب قَوْله " وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة " قِيلَ زَكَاة النُّفُوس وَقِيلَ الْأَمْوَال وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون عَامَّة لَهُمَا فَإِنَّ الْآيَة مَكِّيَّة" وَاَلَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ " أَيْ يُصَدِّقُونَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • التعايش مع غير المسلمين في المجتمع المسلم

    التعايش مع غير المسلمين في المجتمع المسلم: تنتظم هذه الدراسة في تمهيد ومبحثين وخاتمة: التمهيد: وفيه أعرّف بأنواع الكافرين في بلاد المسلمين والأحكام العامة لكل منهم. المبحث الأول: وأذكر فيه حقوق غير المسلمين وضماناتهم في المجتمع المسلم، وأعرض لتطبيقات ذلك في التاريخ الإسلامي. المبحث الثاني: وأتناول فيه مسألة الجزية في الإسلام، وأبين الحق في هذه الشرعة والمقصود منها. الخاتمة: وألخص فيها أهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائج.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228828

    التحميل:

  • العشق [ حقيقته .. خطره .. أسبابه .. علاجه ]

    فإن العشق مسلكٌ خَطِر، وموْطِئٌ زَلِقٌ، وبَحْرٌ لُجِّيٌّ، وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال. هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق علينا - إذاً - أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172681

    التحميل:

  • العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

    العواصم من القواصم : هذا الكتاب ألفه عالم من كبار علماء المسلمين بيانا لما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صفات الكمال، وإدحاضا لما ألصق بهم وبأعوانهم من التابعين لهم بإحسان، يصلح على صغره لأن يكون صيحة من صيحات الحق توقظ الشباب المسلم إلى هذه الدسيسة التي دسها عليهم أعداء الصحابة ومبغضوهم ليتخذوها نموذجا لأمثالها من الدسائس فيتفرغ الموفقون إلى الخير منهم لدراسة حقيقة التاريخ الإسلامي واكتشاف الصفات النبيلة في رجاله فيعلموا أن الله - عز وجل - قد كافأهم عليها بالمعجزات التي تمت على أيديهم وأيدي أعوانهم في إحداث أعظم انقلاب عرفه تاريخ الإنسانية. ولو كان الصحابة والتابعون بالصورة التي صورهم بها أعداؤهم ومبغضوهم لكان من غير المعقول أن تتم على أيديهم تلك الفتوح، وأن تستجيب لدعوتهم الأمم بالدخول في دين الله أفواجا.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/102367

    التحميل:

  • آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة

    آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «وآفات اللسان من أخطر الآفات على الإنسان؛ لأن الإنسان يهون عليه التحفظ، والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المُحَرَّمِ، وغير ذلك من المحرمات، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه: بالدِّين، والزهد، والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله، لا يُلقي لها بالاً، يهوي في النار بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، أو يهوي بها في النار سبعين سنة، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يقطع، ويذبح في أعراض الأحياء والأموات، ولا يُبالي بما يقول .. ولخطر آفات اللسان على الفرد، والمجتمع، والأمة الإسلامية جمعتُ ما يسر الله لي جمعه - في هذا الموضوع الخطير - من كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1923

    التحميل:

  • الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وجهودها في المملكة العربية السعودية

    هذا الكتاب يحتوي على بيان جهود الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية - حرسها الله بالإسلام -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/116849

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة