Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الطور - الآية 21

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) (الطور) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ فَضْله وَكَرَمه وَامْتِنَانه وَلُطْفه بِخَلْقِهِ وَإِحْسَانه أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا اِتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّاتهمْ فِي الْإِيمَان يُلْحِقُهُمْ بِآبَائِهِمْ فِي الْمَنْزِلَة وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَمَلَهُمْ لِتَقَرَّ أَعْيُن الْآبَاء بِالْأَبْنَاءِ عِنْدهمْ فِي مَنَازِلهمْ فَيَجْمَع بَيْنهمْ عَلَى أَحْسَن الْوُجُوه بِأَنْ يَرْفَع النَّاقِصَ الْعَمَلِ بِكَامِلِ الْعَمَل وَلَا يَنْقُص ذَلِكَ مِنْ عَمَله وَمَنْزِلَته لِلتَّسَاوِي بَيْنه وَبَيْن ذَاكَ وَلِهَذَا قَالَ" أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " قَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : إِنَّ اللَّه لَيَرْفَع ذُرِّيَّةَ الْمُؤْمِن فِي دَرَجَته وَإِنْ كَانُوا دُونه فِي الْعَمَل لِتَقَرّ بِهِمْ عَيْنه ثُمَّ قَرَأَ " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث سُفْيَان الثَّوْرِيّ بِهِ . وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة بِهِ وَرَوَاهُ الْبَزَّاز عَنْ سَهْل بْن بَحْر عَنْ الْحَسَن بْن حَمَّاد الْوَرَّاق عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ سَعِيد عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا فَذَكَرَهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيّ عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ سَعِيد بْن اِبْن عَبَّاس مَوْقُوفًا . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد بْن يَزِيد الْبَيْرُوتِيّ أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن سَعِيد أَخْبَرَنِي شَيْبَان أَخْبَرَنِي لَيْث عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت الْأَسَدِيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى" وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتهمْ " قَالَ هُمْ ذُرِّيَّة الْمُؤْمِن يَمُوتُونَ عَلَى الْإِيمَان فَإِنْ كَانَتْ مَنَازِل آبَائِهِمْ أَرْفَع مِنْ مَنَازِلهمْ أُلْحِقُوا بِآبَائِهِمْ وَلَمْ يُنْقَصُوا مِنْ أَعْمَالهمْ الَّتِي عَمِلُوهَا شَيْئًا . وَقَالَ الْحَافِظ الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التُّسْتَرِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن غَزْوَان حَدَّثَنَا شَرِيك عَنْ سَالِم الْأَفْطَس عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس أَظُنّهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِذَا دَخَلَ الرَّجُل الْجَنَّة سَأَلَ عَنْ أَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ فَيُقَال إِنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا دَرَجَتَك فَيَقُول يَا رَبّ قَدْ عَمِلْت لِي وَلَهُمْ فَيُؤْمَر بِإِلْحَاقِهِمْ بِهِ " وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ " الْآيَة . وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة يَقُول وَاَلَّذِينَ أَدْرَكَ ذُرِّيَّتهمْ الْإِيمَان فَعَمِلُوا بِطَاعَتِي أَلْحَقْتهمْ بِإِيمَانِهِمْ إِلَى الْجَنَّة وَأَوْلَادهمْ الصِّغَار تُلْحَق بِهِمْ وَهَذَا رَاجِع إِلَى التَّفْسِير الْأَوَّل فَإِنَّ ذَلِك مُفَسَّرًا أَصْرَح مِنْ هَذَا . وَهَكَذَا يَقُول الشَّعْبِيّ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَإِبْرَاهِيم وَقَتَادَة وَأَبُو صَالِح وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَالضَّحَّاك وَابْن زَيْد وَهُوَ اِخْتِيَار اِبْن جَرِير وَقَدْ قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فُضَيْل عَنْ مُحَمَّد بْن عُثْمَان عَنْ زَاذَان عَنْ عَلِيّ قَالَ سَأَلَتْ خَدِيجَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَلَدَيْنِ مَاتَا لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هُمَا فِي النَّار" فَلَمَّا رَأَى الْكَرَاهِيَة فِي وَجْههَا قَالَ " لَوْ رَأَيْت مَكَانَهُمَا لَأَبْغَضْتهمَا " قَالَتْ يَا رَسُول اللَّه فَوَلَدِي مِنْك قَالَ" فِي الْجَنَّة " قَالَ ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي الْجَنَّة وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي النَّار " ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ " " الْآيَة هَذَا فَضْله تَعَالَى عَلَى الْأَبْنَاء بِبَرَكَةِ عَمَل الْآبَاء وَأَمَّا فَضْله عَلَى الْآبَاء بِبَرَكَةِ دُعَاء الْأَبْنَاء فَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه لَيَرْفَع الدَّرَجَة لِلْعَبْدِ الصَّالِح فِي الْجَنَّة فَيَقُول يَا رَبّ أَنَّى لِي هَذِهِ ؟ فَيَقُول بِاسْتِغْفَارِ وَلَدك لَك " إِسْنَادُهُ صَحِيح وَلَمْ يُخْرِجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْه وَلَكِنْ لَهُ شَاهِد فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَله إِلَّا مِنْ ثَلَاث صَدَقَة جَارِيَة أَوْ عِلْم يُنْتَفَع بِهِ أَوْ وَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ " وَقَوْله تَعَالَى " كُلّ اِمْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين " لَمَّا أَخْبَرَ عَنْ مَقَام الْفَضْل وَهُوَ رَفْع دَرَجَة الذُّرِّيَّة إِلَى مَنْزِلَة الْآبَاء عَنْ غَيْر عَمَل يَقْتَضِي ذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ مَقَام الْعَدْل وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذ أَحَدًا بِذَنْبِ أَحَد فَقَالَ تَعَالَى " كُلّ اِمْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ " أَيْ مُرْتَهِن بِعَمَلِهِ لَا يَحْمِل عَلَيْهِ ذَنْب غَيْره مِنْ النَّاس سَوَاء كَانَ أَبًا أَوْ اِبْنًا كَمَا قَالَ تَعَالَى " كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمِين فِي جَنَّات يَتَسَاءَلُونَ عَنْ الْمُجْرِمِينَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • ما قاله الثقلان في أولياء الرحمن

    ما قاله الثقلان في أولياء الرحمن: هذه الورقات فيها بيان شافٍ - بإذن الله - و إظهار لمكانة أولئك النفر من الرجال والنساء من الصحابة، لأن من أحب إنساناً أحب أحبابه وتقبلهم بقبول حسن وأبغض أعداءهم ومبغضيهم، وهذه سنة ماضية في الخلق

    المدقق/المراجع: راشد بن سعد الراشد

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/60716

    التحميل:

  • شرح المنظومة الرائية في السنة

    شرح المنظومة الرائية في السنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه منظومة عظيمة في تقرير عقيدة أهل السنة وبيان قواعدهم في الدين للإمام سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين أبي القاسم الزنجاني - رحمه الله - المُتوفَّى سنة (471 هـ) مع شرح عليها لناظمها فيه خرمٌ في أوله حيث لم يوجد كاملاً، تُنشر لأول مرة؛ إذ لم يكن لها وجود في الكتب المطبوعة في حدود علمي».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344683

    التحميل:

  • شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة

    شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة: فإن أعظم ما يقوي الإيمان ويجلبه معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله بها، وفي هذا الكتاب شرح بعض أسماء الله - عز وجل - الحسنى. - راجع الكتاب: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/167466

    التحميل:

  • ذكريات تائب

    ذكريات تائب: سطَّر الشيخ - حفظه الله - في هذه الذكريات قصصًا لبعض التائبين من المعاصي والذنوب قديمًا وحديثًا؛ لأخذ العبرة والعِظة.

    الناشر: موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/336170

    التحميل:

  • شرح الآجرومية [ ابن عثيمين ]

    شرح الآجرومية: هذا شرح تعليمي لمتن ابن آجروم في النحو المعروف بالآجرومية، اعتنى فيه الشارح ببيان مفردات التعاريف، ومحترزاتها، وأمثلتها، مع إضافة بعض الشروط والأمثلة على ما ذكره الماتن، وقد وردت في آخر كل فصل أسئلة مع الإجابة عليها.

    الناشر: مكتبة الرشد بالمملكة العربية السعودية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/334270

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة