Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الحجرات - الآية 14

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) (الحجرات) mp3
يَقُول تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْأَعْرَاب الَّذِينَ أَوَّل مَا دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ اِدَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَام الْإِيمَان وَلَمْ يَتَمَكَّن الْإِيمَان فِي قُلُوبهمْ بَعْد " قَالَتْ الْأَعْرَاب آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ " وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة أَنَّ الْإِيمَان أَخَصُّ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّة وَالْجَمَاعَة , وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين سَأَلَ عَنْ الْإِسْلَام ثُمَّ عَنْ الْإِيمَان ثُمَّ عَنْ الْإِحْسَان فَتَرَقَّى مِنْ الْأَعَمّ إِلَى الْأَخَصّ ثُمَّ لِلْأَخَصِّ مِنْهُ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عَامِر بْن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ أَعْطَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا فَقَالَ سَعْد رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ يَا رَسُول اللَّه أَعْطَيْت فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَمْ تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا وَهُوَ مُؤْمِن فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَوْ مُسْلِم " حَتَّى أَعَادَهَا سَعْد رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثَلَاثًا وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " أَوْ مُسْلِم " ثُمَّ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا وَأَدَع مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمْ فَلَمْ أُعْطِهِ شَيْئًا مَخَافَة أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّار عَلَى وُجُوههمْ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيّ بِهِ فَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْمُؤْمِن وَالْمُسْلِم فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَان أَخَصُّ مِنْ الْإِسْلَام , وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ فِي أَوَّل شَرْح كِتَاب الْإِيمَان مِنْ صَحِيح الْبُخَارِيّ وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَاكَ الرَّجُل كَانَ مُسْلِمًا لَيْسَ مُنَافِقًا لِأَنَّهُ تَرَكَهُ مِنْ الْعَطَاء وَوَكَلَهُ إِلَى مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْإِسْلَام فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَعْرَاب الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَة لَيْسُوا بِمُنَافِقِينَ وَإِنَّمَا هُمْ مُسْلِمُونَ لَمْ يَسْتَحْكِمْ الْإِيمَان فِي قُلُوبهمْ فَادَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَامًا أَعْلَى مِمَّا وَصَلُوا إِلَيْهِ فَأُدِّبُوا فِي ذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْل اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَقَتَادَة وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّ الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَان وَلَيْسُوا كَذَلِكَ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمُجَاهِد وَابْن زَيْد أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا" أَيْ اِسْتَسْلَمْنَا خَوْف الْقَتْل وَالسَّبْي قَالَ مُجَاهِد نَزَلَتْ فِي بَنِي أَسَد بْن خُزَيْمَةَ وَقَالَ قَتَادَة نَزَلَتْ فِي قَوْم اِمْتَنُّوا بِإِيمَانِهِمْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحِيح الْأَوَّل أَنَّهُمْ قَوْم اِدَّعَوْا لِأَنْفُسِهِمْ مَقَام الْإِيمَان وَلَمْ يَحْصُل لَهُمْ بَعْد فَأُدِّبُوا وَأُعْلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ بَعْد وَلَوْ كَانُوا مُنَافِقِينَ لَعُنِّفُوا وَفُضِحُوا كَمَا ذُكِرَ الْمُنَافِقُونَ فِي سُورَة بَرَاءَة , وَإِنَّمَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ تَأْدِيبًا " قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ " أَيْ لَمْ تَصِلُوا إِلَى حَقِيقَة الْإِيمَان بَعْد ثُمَّ قَالَ تَعَالَى" وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا " أَيْ لَا يُنْقِصكُمْ مِنْ أُجُوركُمْ شَيْئًا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم " أَيْ لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى الـمبطلين

    تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى الـمبطلين : تحتوي هذه الرسالة على عدة مسائل منها: - منهج المبطلين في إثارة الأباطيل عن القرآن. - الجمع الكتابي للقرآن الكريم. - هل القرآن الكريم من إنشاء محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ - المصادر المزعومة للقرآن الكريم. - هل تغير النص القرآني في عصر الصحابة الكرام؟ - الأباطيل المتعلقة بذات الله وصفاته وأفعاله. - الأباطيل المتعلقة بما في القرآن عن أنبياء الله تعالى. - الأباطيل المتعلقة بشخص النبي - صلى الله عليه وسلم -. - القرآن والمسيحية. - الأخطاء المزعومة في القرآن الكريم. - الأخطاء اللغوية المزعومة في القرآن الكريم. - التناقضات المزعومة في القرآن الكريم. - المرأة في القرآن.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228829

    التحميل:

  • من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية رضي الله عنه

    من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية رضي الله عنه : هذه الرسالة تحتوي على حديث عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - مشتملٌ على ذكر بعض أقوال المنصفين فيه، وذكر بعض أقوال السلف في خطورة الطعن فيه - رضي الله عنه -، ومنها قول أبو توبة الحلبي: { إن معاوية بن أبي سفيان ستر لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن كشف الستر اجترأ على ما وراءه }.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/30585

    التحميل:

  • المواهب الربانية من الآيات القرأنية

    المواهب الربانية من الآيات القرأنية: جمع فيها الشيخ - رحمه الله - من الفوائد ما لايوجد في غيرها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205545

    التحميل:

  • منهج في إعداد خطبة الجمعة

    منهج في إعداد خطبة الجمعة : قال المؤلف - حفظه الله - « هذه كلمات في إعداد الخطبة وصفات الخطيب. حرصت أن تكون شاملة لخصائص الخطيب والخطبة ووجوه التأثير في الخطبة وإحسان إعدادها مقدما لذلك بمقدمة في مهمة الخطيب الشاقة وتعريف الخطبة وأنواعها وبيان أثرها ».

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/142649

    التحميل:

  • أخلاق العلماء

    العلماء هم قادة الأمة، وخلفاء الرسل، وورثة الأنبياء، أخذوا على أيدي الأمة من حضيض المستنقعات والرذائل إلى الالتزام بشرع الله والتحلي بالفضائل، لكن لابد للعالم الرباني من أخلاق يتحلى بها حتى يكون قدوة للأمة، وفي هذا الكتاب بين المصنف - رحمه الله - فضل العلم، وأوصاف العلماء الذين نفعهم الله بالعلم، وأخلاقه .... إلخ من المباحث التي تهم طالب العلم.

    الناشر: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالرياض http://www.alifta.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2453

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة