Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الزخرف - الآية 57

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) (الزخرف) mp3
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَعَنُّت قُرَيْش فِي كُفْرهمْ وَتَعَمُّدهمْ الْعِنَاد وَالْجَدَل " وَلَمَّا ضُرِبَ اِبْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ " قَالَ غَيْر وَاحِد عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالسُّدِّيّ وَالضَّحَّاك يَضْحَكُونَ أَيْ أُعْجِبُوا بِذَلِكَ وَقَالَ قَتَادَة يَجْزَعُونَ وَيَضْحَكُونَ وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ يُعْرِضُونَ وَكَأَنَّ السَّبَب فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة حَيْثُ قَالَ : وَجَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنِي يَوْمًا مَعَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة فِي الْمَسْجِد فَجَاءَ النَّضْر بْن الْحَارِث حَتَّى جَلَسَ مَعَهُمْ وَفِي الْمَجْلِس غَيْر وَاحِد مِنْ رِجَال قُرَيْش فَتَكَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ لَهُ النَّضْر بْن الْحَارِث فَكَلَّمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَفْحَمَهُ ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ " إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ " الْآيَات . ثُمَّ قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلَ عَبْد اللَّه بْن الزِّبَعْرَى التَّمِيمِيّ حَتَّى جَلَسَ فَقَالَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة لَهُ : وَاَللَّه مَا قَامَ النَّضْر بْن الْحَارِث لِابْنِ عَبْد الْمُطَّلِب وَمَا قَعَدَ وَقَدْ زَعَمَ مُحَمَّد أَنَّا وَمَا نَعْبُد مِنْ آلِهَتنَا هَذِهِ حَصَب جَهَنَّم فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن الزِّبَعْرَى أَمَا وَاَللَّه لَوْ وَجَدْته لَخَصَمْته سَلُوا مُحَمَّدًا أَكُلّ مَا يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه فِي جَهَنَّم مَعَ مَنْ عَبَدَهُ ؟ فَنَحْنُ نَعْبُد الْمَلَائِكَة وَالْيَهُود تَعْبُد عُزَيْرًا وَالنَّصَارَى تَعْبُد الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم فَعَجِبَ الْوَلِيد وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمَجْلِس مِنْ قَوْل عَبْد اللَّه بْن الزِّبَعْرَى وَرَأَوْا أَنَّهُ قَدْ اِحْتَجَّ وَخَاصَمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " كُلّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه فَهُوَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ الشَّيْطَان وَمَنْ أَمَرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ " فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ " أَيْ عِيسَى وَعُزَيْر وَمَنْ عُبِدَ مَعَهُمَا مِنْ الْأَحْبَار وَالرُّهْبَان الَّذِينَ مَضَوْا عَلَى طَاعَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَاِتَّخَذَهُمْ مَنْ بَعْدهمْ مِنْ أَهْل الضَّلَالَة أَرْبَابًا مِنْ دُون اللَّه وَنَزَلَ فِيمَا يُذْكَر مِنْ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَة وَأَنَّهُمْ بَنَات اللَّه " وَقَالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا سُبْحَانه بَلْ عِبَاد مُكْرَمُونَ " الْآيَات وَنَزَلَ فِيمَا يُذْكَر مِنْ أَمْر عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَنَّهُ يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه وَعَجِبَ الْوَلِيد وَمَنْ حَضَرَ مِنْ حُجَّته وَخُصُومَته " وَلَمَّا ضُرِبَ اِبْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ " أَيْ يَصِدُّونَ عَنْ أَمْرك بِذَلِكَ مِنْ قَوْله . ثُمَّ ذُكِرَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْد أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيل وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ وَإِنَّهُ لَعِلْم لِلسَّاعَةِ " أَيْ مَا وُضِعَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْآيَات مِنْ إِحْيَاء الْمَوْتَى وَإِبْرَاء الْأَسْقَام فَكَفَى بِهِ دَلِيلًا عَلَى عِلْم السَّاعَة يَقُول " فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم " وَذَكَرَ اِبْن جَرِير مِنْ رِوَايَة الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَوْله " وَلَمَّا ضُرِبَ اِبْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ " قَالَ يَعْنِي قُرَيْشًا لَمَّا قِيلَ لَهُمْ " إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه حَصَب جَهَنَّم أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ " إِلَى آخِر الْآيَات فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْش فَمَا اِبْن مَرْيَم ؟ قَالَ " ذَاكَ عَبْد اللَّه وَرَسُوله " فَقَالُوا وَاَللَّه مَا يُرِيد هَذَا إِلَّا أَنْ نَتَّخِذهُ رَبًّا كَمَا اِتَّخَذَتْ النَّصَارَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَبًّا فَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " مَا ضَرَبُوهُ لَك إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْم خَصِمُونَ " . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا هَاشِم بْن الْقَاسِم حَدَّثَنَا شَيْبَان عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود عَنْ أَبِي رَزِين عَنْ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى اِبْن عُقَيْل الْأَنْصَارِيّ قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا : لَقَدْ عَلِمْت آيَة مِنْ الْقُرْآن مَا سَأَلَنِي عَنْهَا رَجُل قَطُّ وَلَا أَدْرِي أَعَلِمَهَا النَّاس فَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهَا أَمْ لَمْ يَفْطِنُوا لَهَا فَيَسْأَلُوا عَنْهَا قَالَ ثُمَّ طَفِقَ يُحَدِّثنَا فَلَمَّا قَامَ تَلَاوَمْنَا أَنْ لَا نَكُون سَأَلْنَاهُ عَنْهَا فَقُلْت أَنَا لَهَا إِذَا رَاحَ غَدًا فَلَمَّا رَاحَ الْغَد قُلْت يَا اِبْن عَبَّاس ذَكَرْت أَمْس أَنَّ آيَة مِنْ الْقُرْآن لَمْ يَسْأَلك عَنْهَا رَجُل قَطُّ فَلَا يَدْرِي أَعَلِمَهَا النَّاس أَمْ لَمْ يَفْطِنُوا لَهَا فَقُلْت أَخْبِرْنِي عَنْهَا وَعَنْ اللَّاتِي قُرِئَتْ قَبْلهَا قَالَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَعَمْ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِقُرَيْشٍ " يَا مَعْشَر قُرَيْش إِنَّهُ لَيْسَ أَحَد يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه فِيهِ خَيْر " وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْش أَنَّ النَّصَارَى تَعْبُد عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمَا تَقُول فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا مُحَمَّد أَلَسْت تَزْعُم أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ عِبَاد اللَّه صَالِحًا فَإِنْ كُنْت صَادِقًا كَانَ آلِهَهمْ كَمَا تَقُولُونَ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَلَمَّا ضُرِبَ اِبْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ " قُلْت مَا يَصِدُّونَ ؟ قَالَ يَضْحَكُونَ " وَإِنَّهُ لَعِلْم لِلسَّاعَةِ " قَالَ هُوَ خُرُوج عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَبْل يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَعْقُوب الدِّمَشْقِيّ حَدَّثَنَا آدَم حَدَّثَنَا شَيْبَان عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود عَنْ أَبِي أَحْمَد مَوْلَى الْأَنْصَار عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا مَعْشَر قُرَيْش إِنَّهُ لَيْسَ أَحَد يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه فِيهِ خَيْر" فَقَالُوا لَهُ أَلَسْت تَزْعُم أَنَّ عِيسَى كَانَ نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ عِبَاد اللَّه صَالِحًا فَقَدْ كَانَ يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَلَمَّا ضُرِبَ اِبْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ " وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى " وَلَمَّا ضُرِبَ اِبْن مَرْيَم مَثَلًا إِذَا قَوْمك مِنْهُ يَصِدُّونَ " قَالَتْ قُرَيْش إِنَّمَا يُرِيد مُحَمَّد أَنْ نَعْبُدهُ كَمَا عَبَدَ قَوْم عِيسَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَنَحْو هَذَا قَالَ قَتَادَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • وأصلحنا له زوجه

    وأصلحنا له زوجه: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من سعادة المرء في هذه الدنيا أن يرزق زوجة تؤانسه وتحادثه، تكون سكنًا له ويكون سكنًا لها، يجري بينهما من المودة والمحبة ما يؤمل كل منهما أن تكون الجنة دار الخلد والاجتماع. وهذه الرسالة إلى الزوجة طيبة المنبت التي ترجو لقاء الله - عز وجل - وتبحث عن سعادة الدنيا والآخرة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208982

    التحميل:

  • الرسول الأعظم في مرآة الغرب

    الرسول الأعظم في مرآة الغرب: دراسة علمية رصدت أقوال نخبة من مثقفي الغرب ومشاهيره حول رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وصفاته، وأخلاقه، ومنجزاته التي تشهد له بالتميز والعظمة المستمدة في عقيدتنا، وإيماننا، وقناعتنا من الله تبارك وتعالى الذي اصطفاه وأوحى إليه، وكتب لدينه الانتشار والظهور على الدين كله.

    الناشر: موقع البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة http://www.mercyprophet.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/346649

    التحميل:

  • فقه الأدعية والأذكار

    فقه الأدعية والأذكار: كتابٌ تضمَّن دراسةً في الأذكار والأدعية النبوية في بيان فقهها وما اشتملت عليه من معان عظيمة، ومدلولاتٍ كبيرة، ودروسٍ جليلة، وعِبَر مؤثِّرة، وحِكَم بالغة، مع ذكر كلام أهل العلم في ذلك، لا سيما من كلام الإمامين ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله تعالى -. وهو عبارة عن ثلاثة أقسام: القسم الأول: اشتمل على فضائل الذكر وأهميته، ومعاني بعض الأذكار؛ مثل: كلمة التوحيد، والتكبير، والحوقلة، وغير ذلك. والقسم الثاني: اشتمل على بيان فضل الدعاء وأهميته ومكانته من الدين الإسلامي، وآداب ينبغي التحلي بها عند دعاء الله تعالى، وغير ذلك من الموضوعات النافعة. والقسم الثالث: اشتمل على بيان الأذكار والأدعية المتعلقة بعمل المسلم في يومه وليلته; كأذكار الصباح والمساء، والنوم، وأذكار الصلوات، وغيرها.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316777

    التحميل:

  • ثلاثون وصية نبوية للعروسين ليلة الزفاف

    ثلاثون وصية نبوية للعروسين ليلة الزفاف : جمع هذا الكتاب (32) وصية من وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - المتعلقة بآداب الزفاف والوليمة والجماع، مع الإشارة إجمالاً إلى مراعاة الحقوق وحسن العشرة الزوجية، كما تضمنت الوصايا ذكر بعض أحكام الزينة والطهارة المرتبطة بالموضوعات المذكورة.

    الناشر: موقع معرفة الله http://knowingallah.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/55378

    التحميل:

  • الرؤيا وما يتعلق بها

    الرؤيا وما يتعلق بها : جمعت في هذه الرسالة ما تيسر من ما يتعلق بالرؤيا من آداب الرؤيا الصالحة وضدها وما يتعلق بها من أنواع التعبير الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمستنبط من القرآن الكريم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209004

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة