Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 75

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) (البقرة) mp3
يَقُول تَعَالَى " أَفَتَطْمَعُونَ " أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ" أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ " أَيْ يَنْقَاد لَكُمْ بِالطَّاعَةِ هَؤُلَاءِ الْفِرْقَة الضَّالَّة مِنْ الْيَهُود الَّذِينَ شَاهَدَ آبَاؤُهُمْ مِنْ الْآيَات الْبَيِّنَات مَا شَاهَدُوهُ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبهمْ مِنْ بَعْد ذَلِكَ " وَقَدْ كَانَ فَرِيق مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ " أَيْ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْر تَأْوِيله" مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ " أَيْ فَهِمُوهُ عَلَى الْجَلِيَّة وَمَعَ هَذَا يُخَالِفُونَهُ عَلَى بَصِيرَة " وَهُمْ يَعْلَمُونَ " أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ تَحْرِيفه وَتَأْوِيله وَهَذَا الْمَقَام شَبِيه بِقَوْلِهِ تَعَالَى " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقهمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبهمْ قَاسِيَة يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعه " قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَوْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ اللَّه تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يُؤَيِّسهُمْ مِنْهُمْ " أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيق مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه " وَلَيْسَ قَوْله لَيَسْمَعُونَ التَّوْرَاة كُلّهمْ قَدْ سَمِعَهَا وَلَكِنْ هُمْ الَّذِينَ سَأَلُوا مُوسَى رُؤْيَة رَبّهمْ فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَة فِيهَا . وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِيمَا حَدَّثَنِي بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى يَا مُوسَى قَدْ حِيلَ بَيْننَا وَبَيْن رُؤْيَة رَبّنَا تَعَالَى فَأَسْمِعْنَا كَلَامه حِين يُكَلِّمك فَطَلَبَ ذَلِكَ مُوسَى إِلَى رَبّه تَعَالَى فَقَالَ نَعَمْ مُرْهُمْ فَلْيَتَطَهَّرُوا وَلْيُطَهِّرُوا ثِيَابهمْ وَيَصُومُوا فَفَعَلُوا ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ حَتَّى أَتَوْا الطُّور فَلَمَّا غَشِيَهُمْ الْغَمَام أَمَرَهُمْ مُوسَى أَنْ يَسْجُدُوا فَوَقَعُوا سُجُودًا وَكَلَّمَهُ رَبّه فَسَمِعُوا كَلَامه يَأْمُرهُمْ وَيَنْهَاهُمْ حَتَّى عَقَلُوا مِنْهُ مَا سَمِعُوا ثُمَّ اِنْصَرَفَ بِهِمْ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل فَلَمَّا جَاءَهُمْ حَرَّفَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَقَالُوا حِين قَالَ مُوسَى لِبَنِي إِسْرَائِيل إِنَّ اللَّه قَدْ أَمَرَكُمْ بِكَذَا وَكَذَا قَالَ ذَلِكَ الْفَرِيق الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه إِنَّمَا قَالَ كَذَا وَكَذَا خِلَافًا لِمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ السُّدِّيّ" وَقَدْ كَانَ فَرِيق مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ" قَالَ هِيَ التَّوْرَاة حَرَّفُوهَا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ السُّدِّيّ أَعَمّ مِمَّا ذَكَرَهُ اِبْن عَبَّاس وَابْن إِسْحَاق وَإِنْ كَانَ قَدْ اِخْتَارَهُ اِبْن جَرِير لِظَاهِرِ السِّيَاق فَإِنَّهُ لَيْسَ يَلْزَم مِنْ سَمَاع كَلَام اللَّه أَنْ يَكُون مِنْهُ كَمَا سَمِعَهُ الْكَلِيم مُوسَى بْن عِمْرَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ " أَيْ مُبَلَّغًا إِلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ قَتَادَة فِي قَوْله ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " قَالَ هُمْ الْيَهُود كَانُوا يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ وَوَعَوْهُ وَقَالَ مُجَاهِد الَّذِينَ يُحَرِّفُونَهُ وَاَلَّذِينَ يَكْتُمُونَهُ هُمْ الْعُلَمَاء مِنْهُمْ وَقَالَ : أَبُو الْعَالِيَة عَمَدُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّه فِي كِتَابهمْ مِنْ نَعْت مُحَمَّد - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَرَّفُوهُ عَنْ مَوَاضِعه وَقَالَ السُّدِّيّ" وَهُمْ يَعْلَمُونَ " أَيْ أَنَّهُمْ أَذْنَبُوا وَقَالَ اِبْن وَهْب قَالَ : اِبْن زَيْد فِي قَوْله " يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ" قَالَ : التَّوْرَاة الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ يُحَرِّفُونَهَا يَجْعَلُونَ الْحَلَال فِيهَا حَرَامًا وَالْحَرَام فِيهَا حَلَالًا وَالْحَقّ فِيهَا بَاطِلًا وَالْبَاطِل فِيهَا حَقًّا وَإِذَا جَاءَهُمْ الْمُحِقّ بِرِشْوَةٍ أَخْرَجُوا لَهُ كِتَاب اللَّه وَإِذَا جَاءَهُمْ الْمُبْطِل بِرِشْوَةٍ أَخْرَجُوا لَهُ ذَلِكَ الْكِتَاب فَهُوَ فِيهِ مُحِقّ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَحَد يَسْأَلهُمْ شَيْئًا لَيْسَ فِيهِ حَقّ وَلَا رِشْوَة وَلَا شَيْء أَمَرُوهُ بِالْحَقِّ فَقَالَ اللَّه لَهُمْ" أَتَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب أَفَلَا تَعْقِلُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • ثاني اثنين [ تأملات في دلالة آية الغار على فضل أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه ]

    ثاني اثنين [ تأملات في دلالة آية الغار على فضل أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه ]: هذه الرسالة تحتوي على ومضَاتٍ ولمَحاتٍ مُشرقة، مُستنبطة من آيةٍ واحدة، وهو آية الغار في سورة التوبة؛ والتي قصدَ منها المؤلِّف فضلَ الصدِّيق والتذكير بصنائعه حتى لا تهون مكانته، ولا تنحسِر منزلتُه - رضي الله عنه -.

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380433

    التحميل:

  • الأحكام الملمة على الدروس المهمة لعامة الأمة

    الدروس المهمة لعامة الأمة: هذه الرسالة على صغر حجمها جمع المؤلف - رحمه الله - بين دفتيها سائر العلوم الشرعية من أحكام الفقه الأكبر والفقه الأصغر، وما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية، وختم هذه الرسالة بالتحذير من الشرك وأنواع المعاصي، فأتت الرسالة بما ينبغي أن يكون عليه المسلم عقيدة وعبادةً، وسلوكا ومنهجا، فهذه الرسالة اسم على مسمى فهي بحق الدروس المهمة لعامة الأمة؛ لذا قام العديد من المشايخ بشرح هذه الرسالة اللطيفة، ومن هذه الشروح شرح الشيخ عبد العزيز بن داود الفايز - أثابه الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/116965

    التحميل:

  • نور الشيب وحكم تغييره في ضوء الكتاب والسنة

    نور الشيب وحكم تغييره في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنِّف: «فهذه كلمات مختصرة بيّنتُ فيها بإيجاز فضل من شاب شيبة في الإسلام، وأوردت الأحاديث التي جاءت تبيّن حكم صبغ الشيب بالسواد، وبالحناء مع الكتم، وبالصفرة، وذكرت بعض أقوال أهل العلم في ذلك؛ ليتبيّن الحق لطالبه؛ وليتضح أنه لا قول لأحد من الناس مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن سنته أحق بالاتباع، ولو خالفها من خالفها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1918

    التحميل:

  • تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية

    « تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية »: رسالة رد فيها المصنف - حفظه الله - على من يخلط بين منهج شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، ومنهج عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم، الخارجي الأباضيّ المتوفى عام 197 هـ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2473

    التحميل:

  • القول المنير في معنى لا إله إلا الله والتحذير من الشرك والنفاق والسحر والسحرة والمشعوذين

    إنها أعظم كلمة قالها نبيٌّ وأُرسِل بها ليدعو إلى تحقيقها والعمل بمُقتضاها، وهي التي لأجلها خلق الله الخلقَ، وخلق الجنة والنار، وصنَّف الناس على حسب تحقيقهم لها إلى فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، ولذا كان من الواجب على كل مسلم معرفة معناها وشروطها ومُقتضيات ذلك. وهذه الرسالة تُوضِّح هذا المعنى الجليل، مع ذكر ضدِّه وهو: الشرك، والتحذير من كل ما دخل في الشرك؛ من السحر والدجل والشعوذة، وغير ذلك.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/341901

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة