Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 204

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) (البقرة) mp3
قَالَ السُّدِّيّ : نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَس بْن شُرَيْق الثَّقَفِيّ جَاءَ إِلَى رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَر الْإِسْلَام وَفِي بَاطِنه خِلَاف ذَلِكَ وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نَفَر مِنْ الْمُنَافِقِينَ تَكَلَّمُوا فِي خُبَيْب وَأَصْحَابه الَّذِينَ قُتِلُوا بِالرَّجِيعِ وَعَابُوهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَمّ الْمُنَافِقِينَ وَمَدْح خُبَيْب وَأَصْحَابه " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ " وَقِيلَ بَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الْمُنَافِقِينَ كُلّهمْ وَفِي الْمُؤْمِنِينَ كُلّهمْ وَهَذَا قَوْل قَتَادَة وَمُجَاهِد وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَغَيْر وَاحِد وَهُوَ الصَّحِيح . وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي يُونُس أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي اللَّيْث بْن سَعْد عَنْ خَالِد بْن يَزِيد عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال عَنْ الْقُرَظِيّ عَنْ نَوْف وَهُوَ الْبِكَالِيّ وَكَانَ مِمَّنْ يَقْرَأ الْكُتُب قَالَ إِنِّي لَأَجِدُ صِفَة نَاس مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة فِي كِتَاب اللَّه الْمُنَزَّل قَوْم يَحْتَالُونَ عَلَى الدُّنْيَا بِالدِّينِ أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنْ الْعَسَل وَقُلُوبهمْ أَمَرُّ مِنْ الصَّبْر يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوك الضَّأْن وَقُلُوبهمْ قُلُوب الذِّئَاب يَقُول اللَّه تَعَالَى : فَعَلَيَّ يَجْتَرِئُونَ وَبِي يَغْتَرُّونَ حَلَفْت بِنَفْسِي لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ فِتْنَة تَتْرُك الْحَلِيم فِيهَا حَيْرَان قَالَ الْقُرَظِيّ تَدَبَّرْتهَا فِي الْقُرْآن فَإِذَا هُمْ الْمُنَافِقُونَ فَوَجَدْتهَا " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُك قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ " الْآيَة وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مَعْشَر أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْشَر نَجِيح قَالَ : سَمِعْت سَعِيدًا الْمَقْبُرِيّ يُذَاكِر مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ فَقَالَ سَعِيد : إِنَّ فِي بَعْض الْكُتُب : إِنَّ عِبَادًا أَلْسِنَتهمْ أَحْلَى مِنْ الْعَسَل وَقُلُوبهمْ أَمَرّ مِنْ الصَّبْر لَبِسُوا لِلنَّاسِ مُسُوك الضَّأْن مِنْ اللِّين يَشْتَرُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ قَالَ اللَّه تَعَالَى : عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ وَبِي تَغْتَرُّونَ ؟ وَعِزَّتِي لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ فِتْنَة تَتْرُك الْحَلِيم مِنْهُمْ حَيْرَان . فَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : هَذَا فِي كِتَاب اللَّه فَقَالَ سَعِيد : وَأَيْنَ هُوَ مِنْ كِتَاب اللَّه قَالَ قَوْل اللَّه " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُك قَوْلُهُ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا " الْآيَة فَقَالَ سَعِيد : قَدْ عَرَفْت فِيمَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب إِنَّ الْآيَة تَنْزِل فِي الرَّجُل ثُمَّ تَكُون عَامَّة بَعْدُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقُرَظِيّ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَأَمَّا قَوْله " وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ " فَقَرَأَهُ اِبْن مُحَيْصِن " وَيَشْهَدُ اللَّهُ " بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمّ الْجَلَالَة " عَلَى مَا فِي قَلْبه" وَمَعْنَاهَا أَنَّ هَذَا وَإِنْ أَظْهَر لَكُمْ الْحِيَل لَكِنَّ اللَّه يَعْلَم مِنْ قَلْبه الْقَبِيح كَقَوْلِهِ تَعَالَى " إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّك لَرَسُولُ اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّك لَرَسُولُهُ وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ " وَقِرَاءَة الْجُمْهُور بِضَمِّ الْيَاء وَنَصْب الْجَلَالَة وَيُشْهِد اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبه وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ الْإِسْلَام وَيُبَارِز اللَّه بِمَا فِي قَلْبه مِنْ الْكُفْر وَالنِّفَاق كَقَوْلِهِ تَعَالَى " يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّه " الْآيَة هَذَا مَعْنَى مَا رَوَاهُ اِبْن إِسْحَاق عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا أَظْهَر لِلنَّاسِ الْإِسْلَام حَلَفَ وَأَشْهَد اللَّه لَهُمْ أَنَّ الَّذِي فِي قَلْبه مُوَافِق لِلِسَانِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيح . وَقَالَهُ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَعَزَاهُ إِلَى اِبْن عَبَّاس وَحَكَاهُ عَنْ مُجَاهِد وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَوْله " وَهُوَ أَلَدّ الْخِصَام " الْأَلَدّ فِي اللُّغَة الْأَعْوَج" وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا " أَيْ عِوَجًا وَهَكَذَا الْمُنَافِق فِي حَال خُصُومَته يَكْذِب وَيَزْوَرّ عَنْ الْحَقّ وَلَا يَسْتَقِيم مَعَهُ بَلْ يَفْتَرِي وَيَفْجُر كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ " آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " وَقَالَ الْبُخَارِيّ : حَدَّثَنَا قَبِيصَة حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة تَرْفَعهُ. قَالَ : " إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ" قَالَ : وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد : حَدَّثَنَا سُفْيَان حَدَّثَنَا اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " إِنَّ أَبْغَض الرِّجَال إِلَى اللَّه الْأَلَدّ الْخَصِم " وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر فِي قَوْله " وَهُوَ أَلَدّ الْخِصَام " عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة عَنْ عَائِشَة عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " إِنَّ أَبْغَض الرِّجَال إِلَى اللَّه الْأَلَدّ الْخَصِم " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تحريف المصطلحات القرآنية وأثره في انحراف التفسير في القرن الرابع عشر

    تحريف المصطلحات القرآنية وأثره في انحراف التفسير في القرن الرابع عشر: جاء هذا الكتاب ردًّا على تشويه المُستشرقين والمُعارضين لكتاب الله وآياته ومصطلحاته، وبيَّن مدى انحرافهم وشطَطهم في تفسير كتاب الله، وكل ذلك بالأدلة العقلية المُستوحاة من التفاسير الصحيحة المُجمَع عليها عند أهل العلم، وذلك في المرحلة المتأخرة في القرن الرابع عشر.

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364163

    التحميل:

  • ظاهرة التكفير في مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية

    ظاهرة التكفير في مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية: فهذا الكتاب يعطي صورة عن منهج التكفير الذي بلغ درجة الهوس عند طائفة الشيعة حتى حكموا بكفر من يفضل الأنبياء على علي بن أبي طالب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/346797

    التحميل:

  • شرح كشف الشبهات [ البراك ]

    كشف الشبهات: رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد حرص عدد كبير من أهل لعلم على شرحها وتوضيح معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك - أثابه الله - وفي هذه الصفحة نسخة pdf من هذا الشرح الذي أعد أصله اللجنة العلمية بشبكة نور الإسلام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/322167

    التحميل:

  • خصائص جزيرة العرب

    خصائص جزيرة العرب : كتاب في 108 صفحة ألفه الشيخ لبيان أصل من أصول الملة عن الدار الأولى لظهور الإسلام جزيرة العرب في حدودها وخصائصها في الإسلام والضمانات الحافظة لها. على سبيل الإيجاز لغرس هذه النعمة في أفئدة أبناء هذه الجزيرة حمية لله ودينه وشرعه ليس إلا. وقد جعله في خمسة فصول: الأول: المؤلفات عن جزيرة العرب. الثاني: أسمائها وأقاليمها. الثالث: حدودها. الرابع: خصائصها. الخامس: الضمانات لحماية هذه الخصائص وهي عشرون ضمانة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172261

    التحميل:

  • صلاة التطوع في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة التطوع في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في «صلاة التطوع» بيّن فيها المؤلف - حفظه الله -: مفهوم صلاة التطوع، وفضلها، وأقسامها، وأنواعها، وكل ما يحتاجه المسلم من فقهٍ في هذا المبحث، بالأدلة من الكتاب والسنة.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/53246

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة