Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 113

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) (البقرة) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَقَالَتْ الْيَهُود لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْء وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَاب " بَيْن بِهِ تَعَالَى تَنَاقُضهمْ وَتَبَاغُضهمْ وَتَعَادِيهمْ وَتَعَانُدهمْ كَمَا قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ عِكْرِمَة أَبُو سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا قَدِمَ أَهْل نَجْرَان مِنْ النَّصَارَى عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَتْهُمْ أَحْبَار يَهُود فَتَنَازَعُوا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَافِع بْن حَرْمَلَة : مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْء وَكَفَرَ بِعِيسَى وَبِالْإِنْجِيلِ وَقَالَ رَجُل مِنْ أَهْل نَجْرَان مِنْ النَّصَارَى لِلْيَهُودِ : مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ وَجَحَدَ نُبُوَّة مُوسَى وَكَفَرَ بِالتَّوْرَاةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلهمَا " وَقَالَتْ الْيَهُود لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْء وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَاب " قَالَ إِنَّ كُلًّا يَتْلُو فِي كِتَابه تَصْدِيق مَنْ كَفَرَ بِهِ أَنْ يَكْفُر الْيَهُود بِعِيسَى وَعِنْدهمْ التَّوْرَاة فِيهَا مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَلَى لِسَان مُوسَى بِالتَّصْدِيقِ بِعِيسَى وَفِي الْإِنْجِيل مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى بِتَصْدِيقِ مُوسَى وَمَا جَاءَ مِنْ التَّوْرَاة مِنْ عِنْد اللَّه وَكُلٌّ يَكْفُر بِمَا فِي يَد صَاحِبه وَقَالَ مُجَاهِد فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة قَدْ كَانَتْ أَوَائِل الْيَهُود وَالنَّصَارَى عَلَى شَيْء وَقَالَ قَتَادَة " وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ " قَالَ : بَلَى قَدْ كَانَتْ أَوَائِل النَّصَارَى عَلَى شَيْء وَلَكِنَّهُمْ اِبْتَدَعُوا وَتَفَرَّقُوا " وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء " قَالَ بَلَى قَدْ كَانَتْ أَوَائِل الْيَهُود عَلَى شَيْء وَلَكِنَّهُمْ اِبْتَدَعُوا وَتَفَرَّقُوا وَعَنْهُ رِوَايَة أُخْرَى كَقَوْلِ أَبِي الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس فِي تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة " وَقَالَتْ الْيَهُود لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْء وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء " هَؤُلَاءِ أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْقَوْل يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ صَدَقَتْ فِيمَا رَمَتْ بِهِ الطَّائِفَة الْأُخْرَى وَلَكِنَّ ظَاهِر سِيَاق الْآيَة يَقْتَضِي ذَمّهمْ فِيمَا قَالُوا مِنْ عِلْمهمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَاب " أَيْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ شَرِيعَة التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل كُلّ مِنْهُمَا قَدْ كَانَتْ مَشْرُوعَة فِي وَقْت وَلَكِنَّهُمْ تَجَاهَدُوا فِيمَا بَيْنهمْ عِنَادًا وَكُفْرًا وَمُقَابَلَة لِلْفَاسِدِ بِالْفَاسِدِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَقَتَادَة فِي الرِّوَايَة الْأُولَى عَنْهُ فِي تَفْسِيرهَا وَاَللَّهُ أَعْلَم وَقَوْله " كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْل قَوْلهمْ" بَيَّنَ بِهَذَا جَهْل الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِيمَا تَقَابَلُوهُ مِنْ الْقَوْل وَهَذَا مِنْ بَاب الْإِيمَاء وَالْإِشَارَة وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا عَنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى " الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ " فَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس وَقَتَادَة " كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" قَالَا : وَقَالَتْ النَّصَارَى مِثْل قَوْل الْيَهُود وَقِيلهمْ وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : قُلْت لِعَطَاءٍ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ؟ قَالَ أُمَم كَانَتْ قَبْل الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَبْل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَقَالَ السُّدِّيّ كَذَلِكَ " قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" فَهُمْ الْعَرَب قَالُوا لَيْسَ مُحَمَّد عَلَى شَيْء وَاخْتَارَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير أَنَّهَا عَامَّة تَصْلُح لِلْجَمِيعِ وَلَيْسَ ثَمَّ دَلِيلٌ قَاطِعٌ يُعَيِّنُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَال وَالْحَمْل عَلَى الْجَمِيع أَوْلَى وَاَللَّه أَعْلَم وَقَوْله تَعَالَى " فَاَللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى يَجْمَع بَيْنهمْ يَوْم الْمَعَاد وَيَفْصِل بَيْنهمْ بِقَضَائِهِ الْعَدْل الَّذِي لَا يَجُور فِيهِ وَلَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَهَذِهِ الْآيَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَة الْحَجّ" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَاَلَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " وَكَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ يَجْمَع بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْننَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاح الْعَلِيم " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الأربعون النووية

    الأربعون النووية: متن مشهور، اشتمل على اثنين وأربعين حديثاً محذوفة الإسناد في فنون مختلفة من العلم، كل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث؛ لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات؛ وقد سميت بالأربعين في مباني الإسلام وقواعد الأحكام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/5271

    التحميل:

  • الإفادة فيما ينبغي أن تُشغل به الإجازة

    الإفادة فيما ينبغي أن تُشغل به الإجازة : إن الإنسان مسئول عن أوقات فراغه فينبغي للمسلم أن ينتهز أوقات الإجازات. إجازة الأسبوع أيام الخميس والجمع، وإجازة الموظف السنوية وإجازة نصف السنة الدراسية بالنسبة للطلبة والطالبات والمدرسين والمدرسات، والإجازة الصيفية لهؤلاء التي تقارب ثلاثة شهور أو أكثر وإجازات الأعياد التي شرع فيها التكبير وأنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة وحج وأضاحي إلى غير ذلك. ونظرًا لما لوحظ من ضياع أوقات بعض الشباب في الإجازات والعطل فقد أشار عليَّ بعض المحبين والناصحين بتأليف رسالة في هذا الموضوع، وهي مستفادة من كلام الله تعالى، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام المحققين من أهل العلم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209112

    التحميل:

  • منهج الدعوة وأئمة الدعوة

    منهج الدعوة وأئمة الدعوة: أصل الكتاب محاضرةٌ تحدَّث فيها الشيخ - حفظه الله - عن منهج أئمة الدعوة في العبادة، وعلى رأسهم في هذا العصر: الإمام المُجدِّد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ومن جاء بعده.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/341898

    التحميل:

  • من تواضع لله رفعه

    من تواضع لله رفعه: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من صفات المؤمنين الإنابة والإخبات والتواضع وعدم الكبر. ومن استقرأ حياة نبي هذه الأمة يجد فيها القدوة والأسوة، ومن تتبع حياة السلف الصالح رأى ذلك واضحًا جليًا. وهذا هو الجزء «العشرون» من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان: «من تواضع لله رفعه»».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229612

    التحميل:

  • التوبة وظيفة العمر

    التوبة وظيفة العمر : فإن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية، وأوسطها، وآخرها. وإن حاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها ملحَّة؛ فنحن نذنب كثيرًا ونفرط في جنب الله ليلاً ونهارًا؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين المعاصي والذنوب، ثم إن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية. وهذا الكتاب يحتوي على بيان فضائل التوبة وأحكامها، ثم بيان الطريق إلى التوبة، وقد اختصره المؤلف في كتاب يحمل نفس العنوان، ويمكن الوصول إليه عن طريق صفحة المؤلف في موقعنا.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172578

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة