Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الرعد - الآية 8

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8) (الرعد) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ تَمَام عِلْمه الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء وَأَنَّهُ مُحِيط بِمَا تَحْمِلهُ الْحَوَامِل مِنْ كُلّ إِنَاث الْحَيَوَانَات كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَيَعْلَم مَا فِي الْأَرْحَام " أَيْ مَا حَمَلَتْ مِنْ ذَكَر أَوْ أُنْثَى أَوْ حَسَن أَوْ قَبِيح أَوْ شَقِيّ أَوْ سَعِيد أَوْ طَوِيل الْعُمْر أَوْ قَصِيره , كَقَوْلِهِ تَعَالَى " هُوَ أَعْلَم بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنْ الْأَرْض وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّة " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " يَخْلُقكُمْ فِي بُطُون أُمَّهَاتكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْد خَلْق فِي ظُلُمَات ثَلَاث " أَيْ خَلَقَكُمْ طَوْرًا مِنْ بَعْد طَوْر كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مَكِين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة عَلَقَة فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة مُضْغَة فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَام لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ" وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ" إِنَّ خَلْق أَحَدكُمْ يُجْمَع فِي بَطْن أُمّه أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُون عَلَقَة مِثْل ذَلِكَ ثُمَّ يَكُون مُضْغَة مِثْل ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَث اللَّه إِلَيْهِ مَلَكًا فَيُؤْمَر بِأَرْبَعِ كَلِمَات : بِكَتْبِ رِزْقه وَعُمُره وَعَمَله وَشَقِيّ أَوْ سَعِيد " . وَفِي الْحَدِيث الْآخَر " فَيَقُول الْمَلَك أَيْ رَبّ أَذَكَر أَمْ أُنْثَى ؟ أَيْ رَبّ أَشَقِيّ أَمْ سَعِيد ؟ فَمَا الرِّزْق ؟ فَمَا الْأَجَل ؟ فَيَقُول اللَّه وَيَكْتُب الْمَلَك " وَقَوْله " وَمَا تَغِيض الْأَرْحَام وَمَا تَزْدَاد " قَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْمُنْذِر حَدَّثَنَا مَعْن حَدَّثَنَا مَالِك عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ" مَفَاتِيح الْغَيْب خَمْس لَا يَعْلَمهُنَّ إِلَّا اللَّه لَا يَعْلَم مَا فِي غَد إِلَّا اللَّه وَلَا يَعْلَم مَا تَغِيض الْأَرْحَام إِلَّا اللَّه وَلَا يَعْلَم مَتَى يَأْتِي الْمَطَر أَحَد إِلَّا اللَّه وَلَا تَدْرِي نَفْس بِأَيِّ أَرْض تَمُوت وَلَا يَعْلَم مَتَى تَقُوم السَّاعَة إِلَّا اللَّه " وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَمَا تَغِيض الْأَرْحَام " يَعْنِي السِّقْط " وَمَا تَزْدَاد " يَقُول مَا زَادَتْ الرَّحِم فِي الْحَمْل عَلَى مَا غَاضَتْ حَتَّى وَلَدَتْهُ تَمَامًا وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ النِّسَاء مَنْ تَحْمِل عَشَرَة أَشْهُر وَمَنْ تَحْمِل تِسْعَة أَشْهُر وَمِنْهُنَّ مَنْ تَزِيد فِي الْحَمْل وَمِنْهُنَّ مَنْ تَنْقُص فَذَلِكَ الْغَيْض وَالزِّيَادَة الَّتِي ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى وَكُلّ ذَلِكَ بِعِلْمِهِ تَعَالَى وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " وَمَا تَغِيض الْأَرْحَام وَمَا تَزْدَاد" قَالَ مَا نَقَصَتْ عَنْ تِسْعَة وَمَا زَادَ عَلَيْهَا وَقَالَ الضَّحَّاك وَضَعَتْنِي أُمِّي وَقَدْ حَمَلَتْنِي فِي بَطْنهَا سَنَتَيْنِ وَوَلَدَتْنِي وَقَدْ نَبَتَتْ ثَنِيَّتِي وَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ جَمِيلَة بِنْت سَعْد عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : لَا يَكُون الْحَمْل أَكْثَر مِنْ سَنَتَيْنِ قَدْر مَا يَتَحَرَّك ظِلّ مِغْزَل وَقَالَ مُجَاهِد " وَمَا تَغِيض الْأَرْحَام وَمَا تَزْدَاد " قَالَ مَا تَرَى مِنْ الدَّم فِي حَمْلهَا وَمَا تَزْدَاد عَلَى تِسْعَة أَشْهُر وَبِهِ قَالَ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَقَالَ مُجَاهِد أَيْضًا إِذَا رَأَتْ الْمَرْأَة الدَّم دُون التِّسْعَة زَادَ عَلَى التِّسْعَة مِثْل أَيَّام الْحَيْض وَقَالَ عِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَابْن زَيْد وَقَالَ مُجَاهِد أَيْضًا " وَمَا تَغِيض الْأَرْحَام " إِرَاقَة الدَّم حَتَّى يَخِسّ الْوَلَد " وَمَا تَزْدَاد " إِنْ لَمْ تُهْرِق الدَّم تَمَّ الْوَلَد وَعَظُمَ وَقَالَ مَكْحُول : الْجَنِين فِي بَطْن أُمّه لَا يَطْلُب وَلَا يَحْزَن وَلَا يَغْتَمّ وَإِنَّمَا يَأْتِيه رِزْقه فِي بَطْن أُمّه مِنْ دَم حَيْضَتهَا فَمِنْ ثَمَّ لَا تَحِيض الْحَامِل فَإِذَا وَقَعَ إِلَى الْأَرْض اِسْتَهَلَّ وَاسْتِهْلَاله اِسْتِنْكَاره لِمَكَانِهِ ; فَإِذَا قُطِعَتْ سُرَّته حَوَّلَ اللَّه رِزْقه إِلَى ثَدْيَيْ أُمّه حَتَّى لَا يَحْزَن وَلَا يَطْلُب وَلَا يَغْتَمّ ثُمَّ يَصِير طِفْلًا يَتَنَاوَل الشَّيْء بِكَفِّهِ فَيَأْكُلهُ فَإِذَا هُوَ بَلَغَ قَالَ هُوَ الْمَوْت أَوْ الْقَتْل أَنَّى لِي بِالرِّزْقِ ؟ فَيَقُول مَكْحُول يَا وَيْحك غَذَّاك وَأَنْتَ فِي بَطْن أُمّك وَأَنْتَ طِفْل صَغِير حَتَّى إِذَا اِشْتَدَدْت وَعَقَلْت قُلْت هُوَ الْمَوْت أَوْ الْقَتْل أَنَّى لِي بِالرِّزْقِ ؟ ثُمَّ قَرَأَ مَكْحُول " اللَّه يَعْلَم مَا تَحْمِل كُلّ أُنْثَى " الْآيَة وَقَالَ قَتَادَة " وَكُلّ شَيْء عِنْده بِمِقْدَارٍ " أَيْ بِأَجَلٍ حَفِظَ أَرْزَاق خَلْقه وَآجَالهمْ وَجَعَلَ لِذَلِكَ أَجَلًا مَعْلُومًا . وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح أَنَّ إِحْدَى بَنَات النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَتْ إِلَيْهِ أَنَّ اِبْنًا لَهَا فِي الْمَوْت وَأَنَّهَا تُحِبّ أَنْ يَحْضُرهُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا يَقُول " إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلّ شَيْء عِنْده بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَمُرُوهَا فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ" الْحَدِيث بِتَمَامِهِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

    لمعة الاعتقاد : رسالة مختصرة للعلامة ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، والقدر، واليوم الآخر، وما يجب تجاه الصحابة، والموقف من أهل البدع، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله - في كتابه الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد.

    الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313420

    التحميل:

  • من الإعجاز الطبي في السنة المطهرة تداعي الجسد للإصابة والمرضِ

    من الإعجاز الطبي في السنة المطهرة تداعي الجسد للإصابة والمرضِ : بحث كتبه د. ماهر محمد سالم.

    الناشر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.eajaz.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193684

    التحميل:

  • جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم

    جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم : هذا كتاب فرد في معناه، لم يسبق الإمام ابن القيم إلى مثله في كثرة فوائده وغزارتها؛ بَيَّن فيه الأحاديث الواردة في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، وصحيحها من حسنها ومعلولها، وبين ما في معلولها من العلل بياناً شافياً ، ثم أسرار هذا الدعاء وشرفه، وما اشتمل عليه من الحكم والفوائد، ثم في مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ومحالها، ثم الكلام في مقدار الواجب منها، واختلاف أهل العلم فيه، وترجيح الراجح وتزييف المزيف.

    المدقق/المراجع: زائد بن أحمد النشيري

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265604

    التحميل:

  • قاعدة في الصبر

    قاعدة في الصبر: بدأ المؤلف - رحمه الله - هذه الرسالة ببيان أن الدين كله يرجع بجملته إلى أمرين هما: الصبر والشكر، واستدل لذلك بقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } وبقوله - صلـى الله عليه وسلم -: { عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله عجب، لا يقضي الله لمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له }. ثم بين أن الصبر عموماً ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي: أولاً: صبر على الطاعة حتى يفعلها. ثانياً: صبر عن المنهي عنه حتى لا يفعله. ثالثاً: الصبر على ما يصيبه بغير اختياره من المصائب. ثم بين أن المصائب نوعان: النوع الأول: نوع لا اختيار للخلق فيه، كالأمراض وغيرها من المصائب السماوية، وهذا النوع يسهل الصبر فيه لأن العبد يشهد فيه قضاء الله وقدره،وأنه لا مدخل للناس فيه فيصبر إما اضطراراً وإما اختياراً. والنوع الثاني: المصائب التي تحصل للعبد بفعل الناس، في ماله أو عرضه أو نفسه، وهذا النوع يصعب الصبر عليه جداً لأن النفس تستشعر المؤذي لها وهي تكره الغلبة فتطلب الانتقام، ولا يصبر على هذا النوع إلا النبيون والصديقون. وقد اقتصر كلام المصنف - رحمه الله - في بقية الرسالة على الأسباب التي تعين العبد على الصبر على المصائب التي تصيبه بفعل الناس، وذكر ذلك من عشرين وجهاً. وختم المصنف كلامه بالإشارة إلى الأصل الثاني وهو: الشكر وفسره بأنه العمل بطاعة الله واقتصر على ذلك وخلت الرسالة من تفصيل القول في ذلك، ولعل السبب في ذلك هو تصرف من أفرد الرسالة بالذكر وفصلها عن باقي التصنيف وإلا فالرسالة لها تتمة، ويشهد لذلك ما ذكره ابن رشيق في تعداده لمؤلفات ابن تيمية حيث قال: "قاعدة في الصبر والشكر. نحو ستين ورقة" فقد تصرف المختصر في العنوان واقتصر كذلك على ما كتب في موضوع الصبر فقط، ولم يكمل بقية الرسالة، والله أعلم.

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344365

    التحميل:

  • موطأ مالك

    موطأ مالك: في هذه الصفحة نسخة الكترونية من كتاب الموطأ للإمام مالك - رحمه الله -، وهو واحد من دواوين الإسلام العظيمة، وكتبه الجليلة، يشتمل على جملة من الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة من كلام الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ثم هو أيضا يتضمن جملة من اجتهادات المصنف وفتاواه. وقد سمي الموطأ بهذا الاسم لأن مؤلفه وطَّأَهُ للناس، بمعنى أنه هذَّبَه ومهَّدَه لهم. ونُقِل عن مالك - رحمه الله - أنه قال: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة، فكلهم واطَأَنِي عليه، فسميته الموطأ.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140688

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة