Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الكوثر - الآية 2

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) (الكوثر) mp3
أَيْ كَمَا أَعْطَيْنَاك الْخَيْر الْكَثِير فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمِنْ ذَلِكَ النَّهَر الَّذِي تَقَدَّمَ صِفَته فَأَخْلِصْ لِرَبِّك صَلَاتك الْمَكْتُوبَة وَالنَّافِلَة وَنَحْرك فَاعْبُدْهُ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَانْحَرْ عَلَى اِسْمه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ " . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَعَطَاء وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن يَعْنِي بِذَلِكَ نَحْر الْبَدَن وَنَحْوهَا وَكَذَا قَالَ قَتَادَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالْحَكَم وَسَعِيد بْن أَبِي خَالِد وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَهَذَا بِخِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ السُّجُود لِغَيْرِ اللَّه وَالذَّبْح عَلَى اِسْمه كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَر اِسْم اللَّه عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْق " الْآيَة وَقِيلَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ وَانْحَرْ وَضْع الْيَد الْيُمْنَى عَلَى الْيَد الْيُسْرَى تَحْت النَّحْر يُرْوَى هَذَا عَنْ عَلِيّ وَلَا يَصِحّ وَعَنْ الشَّعْبِيّ مِثْله وَعَنْ أَبِي جَعْفَر الْبَاقِر " وَانْحَرْ " يَعْنِي رَفْع الْيَدَيْنِ عِنْد اِفْتِتَاح الصَّلَاة وَقِيلَ " وَانْحَرْ " أَيْ اِسْتَقْبِلْ بِنَحْرِك الْقِبْلَة . وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة اِبْن جَرِير. وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم هَهُنَا حَدِيث مُنْكَرًا جِدًّا فَقَالَ حَدَّثَنَا وَهْب بْن إِبْرَاهِيم الْقَاضِي سَنَة خَمْس وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيل بْن حَاتِم الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا مُقَاتِل بْن حَيَّان عَنْ الْأَصْبَغ بْن نُبَاتَة عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَر فَصَلِّ لِرَبِّك وَانْحَرْ " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ النَّحِيرَة الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي ؟ فَقَالَ لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ وَلَكِنَّهُ يَأْمُرك إِذَا تَحَرَّمْت لِلصَّلَاةِ اِرْفَعْ يَدَيْك إِذَا كَبَّرْت وَإِذَا رَكَعْت وَإِذَا رَفَعْت رَأْسك مِنْ الرُّكُوع وَإِذَا سَجَدْت فَإِنَّهَا صَلَاتنَا وَصَلَاة الْمَلَائِكَة الَّذِينَ فِي السَّمَوَات السَّبْع وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْء زِينَة وَزِينَة الصَّلَاة رَفْع الْيَدَيْنِ عِنْد كُلّ تَكْبِيرَة " وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ حَدِيث إِسْرَائِيل بْن حَاتِم بِهِ وَعَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ " وَانْحَرْ" أَيْ اِرْفَعْ صُلْبك بَعْد الرُّكُوع وَاعْتَدِلْ وَابْرُزْ نَحْرك يَعْنِي بِهِ الِاعْتِدَال رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال غَرِيبَة جِدًّا . وَالصَّحِيح الْقَوْل الْأَوَّل أَنَّ الْمُرَاد بِالنَّحْرِ ذَبْح الْمَنَاسِك وَلِهَذَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِيد ثُمَّ يَنْحَر نُسُكه وَيَقُول " مَنْ صَلَّى صَلَاتنَا وَنَسَكَ نُسُكنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُك وَمَنْ نَسَكَ قَبْل الصَّلَاة فَلَا نُسُك لَهُ " فَقَامَ أَبُو بُرْدَة بْن نِيَار فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي نَسَكْت شَاتِي قَبْل الصَّلَاة وَعَرَفْت أَنَّ الْيَوْم يَوْم يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْم قَالَ " شَاتك شَاة لَحْم " قَالَ فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا هِيَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أَفَتُجْزِئ عَنِّي ؟ قَالَ " تُجْزِئك وَلَا تُجْزِئ أَحَدًا بَعْدك " قَالَ أَبُو جَعْفَر اِبْن جَرِير وَالصَّوَاب قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فَاجْعَلْ صَلَاتك كُلّهَا لِرَبِّك خَالِصًا دُون مَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة وَكَذَلِكَ نَحْرك اِجْعَلْهُ لَهُ دُون الْأَوْثَان شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاك مِنْ الْكَرَامَة وَالْخَيْر الَّذِي لَا كِفَاء لَهُ وَخَصَّك بِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي غَايَة الْحُسْن وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَعَطَاء .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الرسالة التبوكية [ زاد المهاجر إلى ربه ]

    الرسالة التبوكية : وقد كتبها في المحرم سنة 733هـ بتبوك، وأرسلها إلى أصحابه في بلاد الشام، فسّر فيها قوله تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب } وذكر أن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله ... وبيّن أن زاد هذا السفر العلم الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بيّن طريق العلم ومركبه وأن رأس مال الأمر وعموده في ذلك إنما هو التفكر والتدبر في آيات القرآن.

    المدقق/المراجع: محمد عزيز شمس

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265605

    التحميل:

  • اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث [ جملة ما حكاه عنهم أبو الحسن الأشعري وقرره في مقالاته ]

    اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث : فقد انتسب إلى أبي الحسن الأشعري في هذا العصر كثير من المسلمين، وأطلقوا على أنفسهم الأشاعرة نسبة إليه، وادعوا أنهم ملتزمون بما هو عليه في الاعتقاد وخاصة في مسائل الصفات، والحق أنهم لم يأخذوا بالعقيدة التي اعتنقها إمامهم في نهاية حياته كما في كتاب (الإبانة) و (المقالات)، ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف كتابه (الإبانة) مداراة للحنابلة وتقية، وخوفا منهم على نفسه. وفي هذا الكتاب تحقيق لعقيدة الأشعري - رحمه الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/116962

    التحميل:

  • رسالة في حكم السحر والكهانة

    رسالة في حكم السحر والكهانة: رسالة قيمة في بيان حكم السحر والتحذير منه، وحكم إتيان الكهان بأسلوب سهل ميسر، مقرونا بالدليل الشرعي من الكتاب الكريم والسنة المطهرة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2045

    التحميل:

  • الدرر من صحيح فضائل الآيات والسور

    الدرر من صحيح فضائل الآيات والسور: كتابٌ جامعٌ لما ثبت من فضائل سور القرآن وآياته، حاول المؤلف فيه جمع كل ما وقف عليه من الصحيح في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الإشارة إلى مصدرها اختصارًا.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/272776

    التحميل:

  • فضائل القرآن الكريم

    فضائل القرآن الكريم : فهذه كلمات نفيسة جمعتها، وأزهار عطيرة اقتطفتها، وفوائد لطيفة اختصرتها من كلام الله تعالى ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام أهل العلم فيما يهم كل مسلم نحو كتاب ربه الذي أنزله على خير خلقه وخاتم أنبيائه لهداية البشر وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209192

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة