عيادة المريض .. عبادة منسّية بقلم : نبيل جلهوم معنى عيادة المريض : إن عيادة المريض فى الإسلام تعنى الذهاب إليه لتسليته والوقوف بجانبه إذا إحتاج للعون والمساعدة والتخفيف عنه وإدخال الفرح والسرور إلى نفسه والسكن إلى روحه وعقله. وقد قال فى ذلك فضيلة الشيخ ابن العثيمين –رحمه الله- أن عيادة المريض واجبة على المسلمين . وأن ترك المريض دون أن يعوده أحد من المسلمين تحت دعوى أن العيادة سنة وليست فرض فإن هذا لايجوز. كما بيّن فضيلته أن عيادة المريض الذى يسهل الذهاب إليه لايكفى فيها الهاتف إلا إذا وجد من يعوده فى بيته وأما عيادة الوالدين وأولى الأرحام فهى واجبة لا سنة . كما يقول فضيلته شارحا قول صاحب كتاب ( زاد المستنقع ) _ أبوالنجا موسى الحجاوى – قال المؤلف " عيادة المريض " ولم يقل زيارة .. لأن الزيارة للصحيح والعيادة للمريض وكأنه أختير لفظ العيادة للمريض من أجل أن تكرر لأنها مأخوذة من العود وهو الرجوع للشيء مرة بعد أخرى .. والمرض قد يطول فيحتاج الانسان إلى تكرار العيادة . وقد قال بعض العلماء أن عيادة المريض واجب كفائي أى يجب على المسلمين أن يعودوا مرضاهم وهذا هو الصحيح لأن النبى صلى الله عليه وسلم جعلها من حق المسلم على المسلم وليس من محاسن الاسلام أن يمرض الواحد منا ولايعوده أحد وكأنه مرض فى بريّة , فلو علمنا أن هذا الرجل لايعوده أحد فإنه يجب على من علم بحاله وقدر أن يعوده. أهمية عيادة المريض فى الاسلام : حرص النبى محمد صلى الله عليه وسلم على عيادة المريض فقال : حق المسلم على المسلم رد السلام وإتباع الجنائز واجابة الدعوة وتشميت العاطس " ولايلزم كما هو واضح بالحديث أن يكون المسلم من معارفه وإنما يكفى وصف الاسلام بقول : حق المسلم على المسلم .. فجعل المسألة على الاطلاق لكونه مسلما. فضل عيادة المريض : 1- الثمرة الأولى أن العائد يفوز بثمار الجنة حتى يرجع من زيارته . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسلم لم يزل فى خُرفة الجنة حتى يرجع قيل: يارسول الله وماخرفة الجنة؟ قال : جناها " 2- الثمرة الثانية التى يسعدنا بها النبى الحبيب " مامن مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسى وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف حتى يصبح وكان له خريف فى الجنة. آداب عيادة المريض: 1- المسارعة الى عيادته وعدم التسويف . 2- ان تكون عيادته بعد ثلاثة ايام من مرضه لما رواه ابن ماجه والبيهقى . قال : كان النبى لايعود مريضا إلا بعد ثلاث " 3- تخفيف الزيارة 4- عدم نسيان الهدية . 5- الدعاء له كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم بأن يقول سبعا : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك " عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : من عاد مريضا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض " 6- استحباب جلوس العائد عند رأس المريض وتطييب خاطره بأعذب الكلام الذى تُشتم منه رائحة الشفاء والبركة فى العمر واطالته مما يرفع معنويات المريض ويجبر خاطره. 7- طلب الدعاء من المريض .. فدعاء المريض كدعاء الملائكة . الآثار المترتبة على عيادة المريض : 1- تحقيق تطييب الخاطر فى نفس المريض وشعوره بأن الدنيا ماتزال بخير وأن الناس مازالوا أوفياء وأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هى حقا خير أمة أخرجت للناس حقا وصدقا وعملا وواقعا . 2- إستشعار المريض واهل بيته بأنه يوجد من يحبه ويسأل عنه عند أزمته ومرضه مما يزيد درجة الثقة والاطمئنان فى القلوب .. سواء لدى المريض أو أهل بيته . 3- تأصيل روابط المحبة والاخوة بين العائدين والمريض المزور. 4- تحقيق تماسك وتعاضد المجتمع المسلم ستكون هى الثمرة الكبيرة المرجوة مما سيكون من شأنه تكوين البنيان المرصوص الذى اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالحمى والسهر . 5- اظهار جمال الاسلام وعظمة أخلاق النبى محمد صلى الله عليه وسلم على حرصه الشديد على تأكيد حقوق المسلم على المسلم والتى لاتتحقق إلا بالسلوك العملى والمعاملة الواقعية الصادقة. 6- استشعار العائد بأنه قد أدى حقا من حقوق المسلمين عليه مما يجعله قرير النفس مطمئن البال . 7- استشعار العائد بنعمة الصحة والعافية التى منحها الله له وحرم منها أخاه المريض مما يكون فى ذلك عونا له على تفعيل عبادة الشكر لله تعالى على نعمه التى لاتعد ولاتحصى. 8- سلامة القلوب من الأضغان والاحقاد الناتجة عن التقصير فى حقوق المريض . ولعل من أجمل ماورد فى مسألة عيادة المريض وخطورتها فى تصديع الصف المسلم ماذكره فضيلة الشيخ عباس السيسى –رحمه الله- فى كتابه " الطريق إلى القلوب " وهى حقا كلمات كتبت من ذهب وهامة فى الوصول إلى قمة الذوق والاخلاق الجميلة الواجب على أفراد الصف المسلم أن يتخلق بها لضمان التماسك والمتانة والتحابّ بين افراد المجتمع المسلم . يقول الشيخ عباس السيسى - رحمه الله - : ولعل أخطر ما صادفنى فى رحلة هذه الحياة، وما عشته بنفسى وشاهدته بعينى من الذين كانوا ملء السمع والبصر، لا تخلو مجالسهم من عشرات بل مئات من الإخوة شيبا وشبابا، هؤلاء قد فعل بهم الزمن ما يفعله بكثيرمن خلق الله، فقد يبلغ بأحدهم العمر مبلغ الشيخوخة، أو يصيبه المرض، فتراه فى أيام مرضه الأولى يقبل على زيارته العديد من الإخوة، تبدى له مشاعر الأنس والاهتمام، وتمضى الأيام بعد ذلك، ويطول به الرقاد، وتزداد عليه الهموم، وتؤرقه الوحدة، ويشتعل عقله وفكره بالتفكر فى الماضى والحاضر، وتكسوه مسحة من الأحزان والإحساس بالغربة!، فيكون فى هذه الحالة أشد ما يكون حاجة إلى زائر يلطف مجلسه، ويرطب أحاسيسه، ويغير من ظروفه الكئيبة الحزينة. إننا يجب أن ننظر إلى مستقبل كل منا حين يأويه هذا المصير، فإن الأمور دائما تقاس بالخواتيم. فهل من دروس فى التربية تستقر فى قلوب الإخوة ووجدانهم، حتى لا يغفلوا عن هذا الواجب الإسلامى الكريم، وحتى لا يقعوا فى المحظور، ويقطعوا الجذور؟. (2) عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ". متفق عليه. الهوامش: الطريق إلى القلوب 0الشيخ عباس السيسى –رحمه الله- |