همسات الى الدعاة بقلم : نبيل جلهوم الدعوة الى الله شرف لايناله الا من يحبه الله .. فما هى الا إستعمالٌ من الله أراده لعبده لينال بذلك شرف التأسى بالأنبياء والسير على نهج الصالحين والتمتع بحلاوة القرب منه سبحانه وتعالى . فاذا أردت أن يحبك الله فاسأله دائما أن يستعملك لا أن يستبدلك . ( قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين ) يوسف 108 بداية : إعلم أخى الداعية أن العبادة لله تعالى هى المهمة العظمى التى خلقنا الله من أجلها ( وماخلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) الذاريات 56 .. وهى الناموس الذى يسير الكون على نسقه ومقتضاه ليكون العبد قانتا خاشعا لله مسلما ساجدا مسبحا , وعبادة الله هى الطريق السوى الذى يصل بنا إلى الجنة وماعداه فهو الشذوذ والانحراف . ثانيا : إحرص على توظيف المهام العظيمة للعبادة .. فالعبادة حياة الروح .. وإنما تتربى الروح بحسن عبادتها وتَعبّدها لله بتحقيق الايمان والتوحيد والخوف والرجاء .. فالعبادة تربى الروح فتصفو النفوس وترق القلوب ويتربى فى الانسان الضمير الحى الذى يكون له دور كبير فى توجيه حياة صاحبه . ثالثا : إعلم ان العبادة الصحيحة لله تعالى بشتى صورها من صلاة وزكاة وحج وصيام وجهاد وغيرها لابد وأن تكون ذات أثر , ويجب أن تؤتى ثمارها فى شتى المناحى والأمور : ** فهى تزيد الايمان ( إنما المؤمنون الذين اذا ذُكر الله وجلت قلوبهم واذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيمانا , واذا زاد الايمان ظهرت آثاره الواضحة على النفس فى معتقدات صحيحة وأفهام سليمة وأخلاق سامية ومواقف مُتّزنة ربانية معتدلة ونشاط نافع وعلم صالح وصلاح عام . فالاسلام أيها الداعية دين عظيم يتمتع بالشمول والجمال فى كل شيء . ** تجعل الانسان يسعى دائما للبلوغ بنفسه إلى الكمال الانسانى فى العقول والقدرات والطاقات الجسمية والعلمية وغيره مما يجعله قادرا على الارتفاع بنفسه والسمو ّ والرقى بها . ** حصول الأمن النفسى , فمن نتاج العبادة شعور المسلم بسعادة وأمن وإطمئنان نفس ولذة وجدانية عالية فيظهر ذلك على نفسه وروحه وقسمات وجهه وجوارحه وأعضائه ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الآمن وهم مهتدون ) الانعام 82 . رابعا : إعلم أخى الداعية أن ذكر الله حياةُ للقلوب وراحةُ للنفوس وصفاءُ للذهن , وقد جاء عنه الحديث فى القرآن مرتبطا دائما وأبدا بمن آمن بالله ثم استقام على منهجه , وجاء الحديث عن نسيان ذكر الله ملازما لمن لم يستقيم فى حياته وعمله وسلوكه بشكل عام . والذكر له فوائد ونتائج وثمار باهرة : فهو يطرد الشيطان . ويرضى الملائكة والرسول والرب الرحمن . ويزيل الهم والغم عن القلوب ويقوى القلوب والابدان . ويُنير الوجه ويجعله كالقمران . ويجلب الفرح والسرور ويأتى بالبيان . وتشهد الأرض بشواهدها لذاكرا لله كثيرا لاتراه من كثرة الذكر ظمآن . فالذى يذكر ربه فى قمة الجبل أو قائما أو قاعدا أو على الشٌطآن كل ذلك يشهد له بالحب عند رب رحمن . وإعلم اخى الداعية أن ذكر الله ليس مجرد أقوال تقال فقط وباللسان بل هو حس وروح وإيقاظ للغفلان لتتحرك النفس بصاحبها إلى برّ من الأمن والأمان . روحانية وشفافية وربانية وإيمان . ويتجلى الرب بجميل من كرامات ورضا وغفران . فتصبح النفس ريحانة كأنها قُطفت من البستان . فالله الله فى ذكر كثير تنل به رحمة وجنان . خامسا : إحرص دائما على أن تحجز بيتا بالجنة , وكن دائم الحذر من الأعداء الألداء الهوى المتبع والاعجاب بالنفس والشح المطاع فهن المهلكات المضيّعات حسبنا الله اللطيف منها الرحمن . سادسا : إعلم أن تفقدك للمريض من العباد وعودتك له ومساعدتك له وتطييب خاطره والوقوف بجانبه وحمله على أكتافك والمسح على رأسه وجلب الطبيب والدواء له والتسلية عنه وإدخال السرور إلى قلبه وجعل خَدّك مَخدّة له , إعلم انها عبادة عظيمة وإثبات لحسن صلتك بربك وتجسيد لمعانى الحب والرحمة فالاسلام ماهو إلا حب ودعوة الله ماهى إلا حب وماأحلى الحب والرحمة , وتذكر قول الله تعالى فى الحديث القدسى : يابن آدم مرضت فلم تعدنى , مرض عبدى فلان فلم تعده ألم تعلم أنك اذا عُدته لوجدتنى عنده ". سابعا : لو سافرت سفرا ولم ترجع منه بربح لبكيت فوات أرباحك وضياع أوقاتك ,ورحلتك فى أيام الدنيا كذهابك للحج , ان لم ترجع منها أيضا بربح وفير وذنب مغفور وجديد فى جديد , فلا يكون لك إلا أن تبكى على نفسك إبكى على ضياع أوقاتك وتعبك ومالك , إبكى على جنة أوشكت أن تضيع تفلت من بين يديك بعدما كانت فى قبضتك . ثامنا : لو قلنا أن إنسانا يشتاق للجنة ويتمناها ويرجوها سكنا له ومقرّا فإن ذلك أمر مألوف طبيعى فطرى لاشيء فيه , كذلك فإن الجنة أيها الداعية تشتاق إليك بل إلى كل مؤمن صالح عابد عاملا لدينه ناصرا لرسوله محبا للصالحين , إن الجنة تشتاق ؟ نعم تشتاق .. تشتاق للأناس العابدين . الذين سمت أرواحهم وصفت نفوسهم . الذاكرين الله كثيرا والذاكرات . الذين عملوا لرفعة دينهم والانتصار لرسولهم . الذين اذا ذٌكر الله وجلت قلوبهم . الصابرين فى البأساء والضراء . الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس . المحسنين الطاهرين المحمديين الربانيين . الذين كانوا أولياءا لله . الذين كانوا جنودا لله . الذين عملوا بمراتب التقوى التى قال عنها على رضى الله عنه وكرّم الله وجهه : الخوف من الجليل .... فخافوا ربهم . العمل بالتنزيل .... فعملوا بالقرآن . القناعة بالقليل .... فقنعوا ورضوا بعطيّة الله . الاستعداد ليوم الرحيل ... فسهروا لله وقاموا لله وأتعبوا الوقوف بين يدى الله هؤلاء الذين حملوا للدنيا مشاعل الخير واخذوا بأيدى الناس بُغية إنقاذهم من النار ليلحقوا بالنبى الحبيب المختار . تاسعا : أخى الداعية إرجع الى الله دائما وأدخل فى سباق التائبين والمستغفرين والمشمرين ( وسابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أُعدّت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) الحديد 21 وصلى اللهم على نبينا محمد معلم الناس الخير . |