قصة وقوع شهوة النساء الأجنبيات في قلب النبي صلى الله عليه وسلم إعداد/ علي حشيش
نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت وانتشرت في كتب السنة المشهورة، ونقلها بعض الكتَّاب في الصحف وعلى سبيل المثال لا الحصر نشرت جريدة «صوت الأمة» في عددها (159) هذه القصة الواهية تحت عنوان «الحياة العاطفية للرسول» بخط عريض ثم بخط أقل «الرسول لم يستح من الحديث عن النساء والعشق والجنس»، هذه القصة التي اتخذها زنادقة الشرق والغرب وسيلة لإفكهم ليقولوا: «إن محمدًا كان شهوانيًا»، وإنهم لكاذبون، وإلى القارئ الكريم تخريج هذه القصة الواهية وتحقيقها لنبين جهل الجاهلين، بخاتم النبيين، وندحض حجج الملحدين.
أولاً: متن القصة:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في أصحابه، فدخل ثم خرج، وقد اغتسل فقلنا: يا رسول اللَّه، قد كان شيء ؟ قال: أجل، مرت بي فلانة فوقع في قلبي شهوة النساء فأتيت بعض أزواجي فأصبتها، فكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال».
ثانيًا: التخريج:
الحديث الذي جاءت به هذه القصة الواهية: أخرجه أحمد في «المسند» (18057/231/4) قال: «حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية يعني ابن صالح، عن أزهر بن سعيد الحرازي قال: سمعت أبا كبشة الأنماري قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالسًا في أصحابه... القصة، واللفظ له، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير قال: حدثنا بكر بن سهل حدثنا عبد اللَّه بن صالح حدثني معاوية بن صالح به». وأخرجه الطبراني أيضًا في «المعجم الأوسط» (3275/158/4) قال: «حدثنا بكر به...».
ثالثًا: التحقيق
أ- هذه القصة التي أخرجها أحمد والطبراني من حديث أبي كبشة الأنماري، قصة غريبة، حيث تبين غرابتها من قول الإمام الطبراني في «الأوسط» (159/4): «لا يروى هذا الحديث عن أبي كبشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به معاوية بن صالح». ب- هذا حتى لا يقول قائل بأن هذه القصة لها طرق أخرى عن أبي كبشة أو لها طرق أخرى عن أزهر بن سعيد الحرازي. جـ- وهذه من أهم فوائد المعجم الأوسط للطبراني؛ فيأتي في هذا الكتاب عن كل شيخ بما له من غرائب ولا بد لطالب هذا العلم أن يعلم هذا جيدًا، فالكتاب في الحقيقة كتاب غرائب ظهر فيه سعة رواية الطبراني وكثرة اطلاعه على طرق الحديث وتمييز الطرق التي اشترك فيها عدد من الرواة عن هذا الراوي، عن الطرق التي انفرد بها بعض الرواة عن بعض، وهذا الأمر لا ينقاد إلا لإمام جهبذ من جهابذة هذا الفن الدقيق الواسع، وقد تعب كثيرًا في إخراج هذا الكتاب على هذه الطريقة لذلك كان يقول رحمه الله: «هذا الكتاب روحي». د- وعلة هذا الحديث الذي جاءت في متنه هذه القصة «أزهر بن سعيد الحرازي الحمصي: إ- أورده ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (1173/312/2) وقال: «أزهر بن سعيد الحمصي روى عن: أبي أمامة وأبي كبشة الأنماري وغضيف بن الحارث، روى عنه: معاوية بن صالح سمعت أبي يقول ذلك، قلت: لم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وفرّق بينه وبين أزهر بن عبد الله جميع الحرازي حيث ترجم له برقم (1174) فهو مجهول. 2- وأورده الإمام المزي في «تهذيب الكمال» (303/506/1) وقال: روى عنه: عمر بن جُعْشم القرشي، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعاوية بن صالح الحضرمي. قلت: ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً فهو مجهول. 3- نوع المجهول: «مجهول الحال»، وهو من روى عنه اثنان فأكثر لكن لم يوثَّق. |