| قبل أن يُذبح الأقباط 4203 زائر 04-07-2010 محمد جلال القصاص | بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قبل أن يُذبح الأقباط ليس عبثاً أن تكثر الأحاديث التي تحذر من خطر التشدد في الدين ، وتدعو للأخذ على يد المتشددين . ربما لأن الناس ترفع من شأن مَن تدين وإن تشدد ، وتضع من شأن من فرَّط وإن تأول . يبدو المتشدد في عين العوام شيئاً ثميناً .. يقدر على ما لا يقدرون عليه ، ويقدم إلى ما لا يقدمون إليه ، ولذا يخلد دائماً ذكر المعاندين المستمسكين من الطائعين أو العاصين ، وخطاب المتشددين حماسي يستنفر الجماهير ثم يسوقهم حيث يريد هو لا إلى حيث ما يريدون هم . لا نحتاج لكثير تأمل في حال المتشددين للقول بأن ظهور التشدد جناية على عوام الناس ، تطال رقابهم ، بأيدي المتشددين أو بما يؤول إليه السير في مسالك المتشددين . وتقتيل العوام بأيدي المتشددين وبما يؤول إليه السير في مسالك المتشددين أمر معروف مشهور في تاريخ الحركات المتشددة الخارجة على مجتمعاتها وخاصة في النصرانية ، وتعرفها من خلال تتبع الحروب ( الأهلية ) التي شبت بين النصارى باسم المسيح ، وأوضح نموذجٍ على خطورة الطرح المتطرف على العوام في واقعنا المعاصر هو الحالة القبطية المصرية تحديداً . وأعرض ما عندي في هيئة نقاط ، وتعمدت ذكر الحالة القبطية كوني بساحتهم أرقب حركتهم ، ونصحاً أقدمه لهؤلاء ومَن عاونهم ، ومن سكت عنهم ، علَّ النصح ينفعهم .
النخبة القبطية
إن أول ما تقع عليه عينك حال النظر في أقباط مصر أن النخبة القبطية المرتبطة بكنيسة الإسكندرية في داخل البلد ( مصر ) وخارجها شخصياتٌ حركية وليست علمية ، مع أن الكنيسة مهمتها الأصلية ـ كما يقولون ـ هي الكرازة ( التبشير ) ، حتى أن مسمى الكنيسة يحمل اسم ( الكرازة المرقصية ) . ورصد أنهم جمهرة ( شلة ) من الحركيين .. الثائرين .. المتعصبين المتشددين يمكن الوقوف عليه من تتبع السيرة الذاتية لهؤلاء ابتداءً برأسهم شنودة الثالث ومروراً بالشخصية الثانية التي ينتظر أن تخلف شنودة أعني بيشوي ، والشخصيات التي تتولى الوعظ ( زكريا بطرس مثلا ) أو التي تتولى الدفاع عن الدين كعقيدة ( مرقص عزيز مثلاً ) ، وانتهاءً بصغار أدمنية الغرف الحوارية في البالتوك . ملحظ ثابت في كل هؤلاء أنهم لا يحملون مؤهلات علمية ، وإنما رصيداً حركياً ، وغني عن الذكر أن جدلاً عريضاً شبَّ واشتد بينهم حين قدمت جماعة الأمة القبطية في الخمسينيات من القرن الماضي لتولي كرسي البابوية بسبب أن بعض المرشحين يومها لم يكونوا قد استوفوا سنين الرهبنة المكررة في عرفهم ـ وهي قليلة ـ ، وأنه تمت تعديلات في طريقة اختيار المرشح ومؤهلاته لينال كرسي البابوية قوم بأوصاف جديدة ( حركية ) . وملحظ ثابت في هؤلاء جميعاً وهو التدني الخلقي ، فكلهم به ما يستقبح ، هذا شاذ جنسياً يضاجع الزواني ويضاجعه الصبية والشباب ، وهذا يتحدث قومه بأنه فظ غليظ لا يرجى خيره ، وهذا عصبي متشنج بذيء لا تراه إلا متطرفاً يتحدث بالقبيح ، وصغارهم على دربهم ، يخرج الفحش منهم وينتشر بينهم بالصوت والصورة والكلمة ، وكل ذلك مسجل ويعرض . كأنك حين تنظرهم تنظر سوق دعارة ، ولك أن تتدخل غرف البالتوك أو مخرجات غرف البالتوك على اليوتيوب وعلى المواقع المختصة لترى أكثر مما تقرأ الآن . !! وملحظ ثابت تجده في هؤلاء جميعاً ، وهو أنهم لا يقبلون كلَّ من خالفهم ولو جزئياً ؛ فتجد انغلاقا في الفكر والتفكير ، وتجد طرداً عنيفاً مستمراً لكل من خالفهم وإن كان رفيق درب .بل ولا يقبلون مطروداً إن عاد . !!
الفكر القبطي
الأقباط لا يملكون تراثاً فكرياً يذكر ، وما بين أيديهم الآن فضلاً عن أنه قليل بل نادر مقارنة بغيرهم ، فإنه يعتمد على الترجمات ، وانقطع تراثهم عقوداً من الزمن بلا موانع من اضطهاد ونحوه ، بمعنى أن في التاريخ عقوداً من الزمن لم يسجل فيه الأقباط شيئاً مكتوباً أو غير مكتوبٍ مع عدم وجود مانع يمنعهم من ذلك ، غابوا من التاريخ الفكري قروناً من الزمن بلا سبب ظاهر ، وتفصيل ذلك في كتاب ( أثناسيوس الرسولي ) للدكتور جورج حبيب بباوي. وحتى الآن حين فتحت عليهم الدنيا وملكت أيدهم أسباباً لم يتجهوا للدراسة والتأصيل ومن ثم التعليم ونشر الدين القبطي وإنما اتجهوا لقلة الأدب على المسلمين ، ولك أن تستعرض نتاجهم الفكري من خلال الشخصيات المقدمة فيهم على أنها شخصيات علمية ومن خلال أطروحات هذه الشخصيات وأطروحات كل الأقباط . لن تجد نتاجاً خاصاً فهم يرددون أقوال المستشرقين حال الحديث عن الإسلام ، وينقلون من ترجمات غيرهم من النصارى حال الحديث عن دينهم ، وحديثهم عن دينهم قليل بل نادر ؛ ولن تجد شخصيات علمية بل شخصيات سوقية ، ويكفي أن تعلم أن واعظهم ـ أو من وعاظهم ـ زكريا بطرس ومرقص عزيز فقوم واعظهم الكذاب اللئيم زكريا بطرس كيف يكون حالهم ؟؟ ، أو تجد شخصيات لا تملك حديثاً علمياً وإنما سياسياً أو جزائيا عقابياً ترهب به قومها كشنودة الثالث وبيشوي .
الحالة القبطية
أعني بها الحالة التي يعيشها ( شعب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ) . انعكس سيطرة هذه النوعية سيئة الخُلق المتشددة المنغلقة التي لا تقبل غيرها بجوارها والتي لا تعرف الكثير عن دينها هي فضلاً عن دين غيرها ، والتي لا تعرف المسالمة والمعايشة مع الناس على شعب الكنيسة . وظهر ذلك في أمور :
منها تفخيخ المجتمع القبطي ، وهذا ما قد تم بالفعل ، ولك أن ترقب قضية واحدة فقط أوجدتها هذه العقلية التي تنكرت لتراثها هي قبل غيرها ، وتشددت على رأيها وأبت إلا العمل بما رسخ في ذهنها وهي قليلة البضاعة .. أعني قضية الطلاق ، مئات الألوف مأزومون الآن بسبب التضييق على الناس في أمر الطلاق من قبل هؤلاء ؛ فبعد أن كان الطلاق يتم لأكثر من عشرة أسباب ، أصبح الآن لعلة واحدة ، هي علة الزنا ، وبعد أن كان الزاني يتوب ويتزوج أصبح الزاني كأنما ارتد عن دينه ( جدف ) . إنه الجهل والتشدد حين يجتمعان . وأرجو حين تتابع هذه القضية أن ترقبها من ناحية فكرية ، وتسأل : ما السبب الذي أدى إلى تضييق الخناق على الناس وإيجاد المشاكل التي أدت إلى تفخيخ المجتمع القبطي ؟ إنه جهل المفتي ( شنودة الثالث ) بدينه هو ، وتعصبه لرأيه ، وإصراره على مخالفة التراث الموروث عن ( الآباء ) مع أن عمود المعتقد الأرثوذكي هو ( التقليد ) . وقد وجد دعماً ممن حوله لأنهم متعصبون مثله ، لا يحملون علماً ولا فقها ، وإنما تنظيماً حركياً يسير خلف قائده وإن أخطئ .!!
ومن آثار سيطرة الجهل والتشدد على الكنيسة القبطية المصرية ذبح الأقباط . وجود هذه الحالة من الغباوة والتشدد على رأس الكنيسة أدى إلى حشد جماهير الأقباط للثورة والقتال . فمن يتدبر في طبيعة الخطاب الذي يلقيه هؤلاء يجد أنه خطاباً استعلائياً حماسياً ... استعلائياً حماسياً . إذ ينشر هؤلاء الأغبياء المتشددون ثقافة بين العوام مفادها أن الأقباط أصحاب حق مهضوم ، وأنهم محتلون ، وأنهم أعزة تبدل حالهم إلى ذلة ، وقد آن الأوان أن يستردوا حقهم ، ولذا لا تجلس مع قبطي إلا ويحدثك عن الظلم الواقع عليهم ، مع أنهم لا يمثلون ( أعني أتباع شنودة الثالث ) 4% من الشعب ، ومع أنهم يملكون أكثر من ثلاثة أرباع الثروة في مصر ، ومع أنه لا يوجد قبطي واحد في السجون المصرية ـ فيما أعلم ـ ، ومع أنهم يتطاولون على من شاءوا حتى ولو كان رئيس الجمهورية ـ وقد حدث ذلك مراراً من مرقص عزيز وغيره ـ ولا يجدون من يحاسبهم . العوام يؤتون من أذنهم ، وهذا الخطاب الاستعلائي الثوري يؤدي إلى حالة من الغليان تنتهي بثورة وصدام مع الأكثرية ، وحينما يجِدُّ الجد يستفيق هؤلاء على مصيبة ، أقل ما سيجدون فيها هو ذبحهم بيد العوام مثلهم أو بيد ذي سلطان قوي الشكيمة لا يصبر على سوء أدبهم ـ عجَّل الله بقدومه ـ . وبهذا يكون ذبحهم ثمرة طبعية ، لوجود مثل هؤلاء المتشددون الجهلة على سدة الكنيسة . وعلى عقلاء النصارى أن يتدبروا في الصدام الفكري ، وهو صورة ( أو بالأحرى مقدمة ) للصدام الحركي ، فقد أخرج النصارى كل ما في كيسهم ، وأقبلوا بما لا يتصور من الفاتيكان لا من أمثالهم .. من قنوات فضائية بالعشرات .. ومواقع عنكبوتية بالمئات .. ومواد صوتية ومرئية وكتابية بمئات الألوف ، وعلى قوم غافلين . وما النتيجة ؟؟ لم يمض عشر سنوات حتى توقفت عجلتهم ، بل وبدأت تدور عليهم لتسحقهم . إن الخطاب القبطي مستفز يستدعي العداء وقد فعل وعلى العقلاء أن يتدبروا .
وما الحل ؟!
لم تعد المشكلة في رؤوس الكنيسة وحدها بل في شعبهم أيضاً لأنه اصطبغ بصبغتهم ، وليس بأيدينا قرع هذه الرؤوس لتفيق ويخرج منها شيطان الغي الذي أغراها بهلاكها ، وإنما يستطيع تدارك الأمر رجل ورجلان . علماني . ومسلم ونصراني . علماني مسلماً كان أم نصرانياً يُفَعِّلُ مبادئه ليرجع هؤلاء عن إثارة الفتنة الطائفة ، ويستطيع المحامون فعل الكثير. ومسلم يدعو إلى الله بالتي هي أحسن ، ليدفع شر هؤلاء عن أبناء المسلمين وعوامهم ، ويذكر عوام النصارى بحقيقة أمرهم ودينهم ، فيرجع إلى رشده من شاء الله له الهداية ، ودعوة هؤلاء إلى الله بالتي هي أحسن الآن جهاد ، وفيها الخير العظيم لهم ولنا ، إذ لا يرضي أحد أن يتبدل الحال إلى قتل وقتال كما يريد ويدعو إليه رؤساء الكنيسة من أمثال مرقص عزيز وزكريا بطرس . وعلى دعاة مصر من المشهورين دوراً لن يغفره لهم التاريخ ، ولا يؤمنون عاقبة أمرهم حين يقفون بين يدي ربهم سبحانه وتعالى ، فقد أسرف هؤلاء في التعدي على الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأمهات المؤمنين ، والشريعة عموماً . وقد وجب ردهم ، وإن لم يقف لهم القائمون بالدعوة فمن ؟!!.
ونصراني
شنودة الثالث ومن حوله ممن تراهم العيون كافرون في دينهم أو مبتدعون في أحسن الأحوال ، أو خارجون على الخط الرئيسي للأرثوذكسية وسمي هذا الخروج بما شئت بعد ذلك ، وهناك دراسات تتحدث عن هذا الأمر ، منها ما يطرحه أستاذ اللاهوت القبطي الدكتور جورج حبيب بباوي ، وهو شخصية علمية لها وزنها ، ويقدم دراسات جادة مقنعة لمن يعرف النصرانية . ومثله القمص أندراوس عزيز . ومما يدل على كفر شنودة وخروجه من ملته أو ابتداعه فيها موقف الأرثوذكس الأمريكان .. ماكسيموس الأول منه ومن تبع ماكسيموس ، وكذا الأرثوذكس الرومان ، بل يمكنني بسهولة أن أقرر أن في كل قضية يتحدث بها شنودة الثالث تقريباً تجد مخالفاً له من ( علماء ) طائفته الأرثوذكس يرميه بالكفر أو الابتداع ، حتى قضايا اللاهوت ، فهناك من يتحدث عن أنه أريوسي وأنه مرتد بيِّن الردة .
دور إسلامي غائب العقلية المتشنجة لا تعرف السكوت حين تستنفر فكرياً أو حركياً ، ولا تقبل التعددية ، وهذا الأمر يمكن استثماره في شق صفهم . فهؤلاء إن عرضت عليهم مسائل علمية أبوا إلا الفتوى ، وينقسمون بعد ذلك بعدد الآراء التي تخرج منهم . فتفعيل القراءة النقدية لكتاب النصارى وعقيدة النصارى وواقع النصارى من شأنه أن يحدث بلبلة وانشقاقات ، وأقل أثره ضعف العزيمة على المواجهة . فالقراءة النقدية للنصرانية ـ عقيدة وواقع ـ مهم جداً من هذا الباب . وعلينا تثبيته كهدف أساسي من أهداف صد هؤلاء ودعوة الناس لربهم بالتي هي أحسن . بقي الكثير وأكره أن يكثر المقال فيمل القارئ المقال . فأكتفي بهذا وأعود ثانية إن شاء الله وبحوله وقوته أحمل المشعل أنير به لقومٍ وأحرق به وجوه قومٍ . فهيا معي إلعن الظلام وأحمل المشعل واشتد ليرحل هذا الظلام .
أبو جلال / محمد جلال القصاص ظهر الخميس 13/07/1431
| | |