Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 164

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) (الأنعام) mp3
يَقُول تَعَالَى " قُلْ " يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ فِي إِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ وَالتَّوَكُّل عَلَيْهِ " أَغْيَر اللَّه أَبْغِي رَبًّا " أَيْ أَطْلُب رَبًّا سِوَاهُ" وَهُوَ رَبّ كُلّ شَيْء " يُرَبِّينِي وَيَحْفَظنِي وَيَكْلَؤُنِي وَيُدَبِّر أَمْرِي أَيْ لَا أَتَوَكَّل إِلَّا عَلَيْهِ وَلَا أُنِيب إِلَّا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ رَبّ كُلّ شَيْء وَمَلِيكه وَلَهُ الْخَلْق وَالْأَمْر فَفِي هَذِهِ الْآيَة الْأَمْر بِإِخْلَاصِ التَّوْكِيل تَضَمَّنَتْ الَّتِي قَبْلهَا إِخْلَاص الْعِبَادَة لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى يُقْرَن بِالْآخَرِ كَثِيرًا فِي الْقُرْآن كَقَوْلِهِ تَعَالَى مُرْشِدًا لِعِبَادِهِ أَنْ يَقُولُوا لَهُ " إِيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين " وَقَوْله " فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" وَقَوْله " قُلْ هُوَ الرَّحْمَن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا" وَقَوْله " رَبّ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب لَا إِلَه هُوَ فَاِتَّخِذْهُ وَكِيلًا " وَأَشْبَاه ذَلِكَ مِنْ الْآيَات وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَكْسِب كُلّ نَفْس إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى" إِخْبَار عَنْ الْوَاقِع يَوْم الْقِيَامَة فِي جَزَاء اللَّه تَعَالَى وَحُكْمه وَعَدْله أَنَّ النُّفُوس إِنَّمَا تُجَازَى بِأَعْمَالِهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْر وَإِنْ شَرًّا فَشَرّ وَأَنَّهُ لَا يُحْمَل مِنْ خَطِيئَة أَحَد عَلَى أَحَد وَهَذَا مِنْ عَدْله تَعَالَى كَمَا قَالَ" وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَة إِلَى حِمْلهَا لَا يُحْمَل مِنْهُ شَيْء وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى " وَقَوْله تَعَالَى " فَلَا يَخَاف ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا " قَالَ عُلَمَاء التَّفْسِير : أَيْ فَلَا يُظْلَم بِأَنْ يُحْمَل عَلَيْهِ سَيِّئَات غَيْره وَلَا تُهْضَم بِأَنْ يُنْقَص مِنْ حَسَنَاته وَقَالَ تَعَالَى " كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمِين " مَعْنَاهُ كُلّ نَفْس مُرْتَهِنَة بِعَمَلِهَا السَّيِّئ إِلَّا أَصْحَاب الْيَمِين فَإِنَّهُ قَدْ يَعُود بَرَكَة أَعْمَالهمْ الصَّالِحَة عَلَى ذُرِّيَّاتهمْ وَقَرَابَاتهمْ كَمَا قَالَ فِي سُورَة الطُّور " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتهمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتهمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلهمْ مِنْ شَيْء " أَيْ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتهمْ فِي الْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة فِي الْجَنَّة وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ شَارَكُوهُمْ فِي الْأَعْمَال بَلْ فِي أَصْل الْإِيمَان وَمَا أَلَتْنَاهُمْ أَيْ أَنْقَصْنَا أُولَئِكَ السَّادَة الرُّفَعَاء مِنْ أَعْمَالهمْ شَيْئًا حَتَّى سَاوَيْنَاهُمْ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَنْقَص مِنْهُمْ مَنْزِلَة بَلْ رَفَعَهُمْ تَعَالَى إِلَى مَنْزِلَة الْآبَاء بِبَرَكَةِ أَعْمَالهمْ بِفَضْلِهِ وَمِنَّته ثُمَّ قَالَ " كُلّ اِمْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين " أَيْ مِنْ شَرّ وَقَوْله " ثُمَّ إِلَى رَبّكُمْ مَرْجِعكُمْ فَيُنَبِّئكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ " أَيْ اِعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ فَسَتَعْرِضُونَ وَنَعْرِض عَلَيْهِ وَيُنَبِّئنَا وَإِيَّاكُمْ بِأَعْمَالِنَا وَأَعْمَالكُمْ وَمَا كُنَّا نَخْتَلِف فِي الدَّار الدُّنْيَا كَقَوْلِهِ " قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَل عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَع بَيْننَا رَبّنَا ثُمَّ يَفْتَح بَيْننَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاح الْعَلِيم " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • إني رزقت حبها [ السيرة العطرة لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ]

    إني رزقت حبها [ السيرة العطرة لأم المؤمنين خديجة ]: يعرِض المؤلِّف في هذا الكتاب بعض جوانب العظمة في سيرة أم المؤمنين السيدة خديجة - رضي الله عنها -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/260214

    التحميل:

  • أصول الإيمان

    أصول الإيمان : هذا الكتاب من الكتب المهمة في بيان منهج أهل السنة والجماعة في التحذير من الشرك.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144970

    التحميل:

  • قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسنة

    قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في قضية التكفير بيَّن فيها المؤلف عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه القضية العظيمة الخطيرة، وأوضح ردَّ أهل السنة على من خالفهم من الطوائف الضالَّة.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2046

    التحميل:

  • مختصر زاد المعاد

    مختصر زاد المعاد : فإن هدي سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو التطبيق العملي لهذا الدين، فقد اجتمع في هديه كل الخصائص التي جعلت من دين الإسلام ديناً سهل الاعتناق والتطبيق، وذلك لشموله لجميع مناحي الحياة التعبدية والعملية والأخلاقية، المادية والروحية، ويعتبر كتاب - زاد المعاد في هدي خير العباد - من أفضل ما كتب في هديه - صلى الله عليه وسلم - تقريب لهديه في سائر جوانب حياته؛ لنقتدي به ونسير على هديه - صلى الله عليه وسلم -، وقد قام باختصاره الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -؛ حتى يسهل على الجميع الاستفادة منه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264166

    التحميل:

  • تحفة القافلة في حكم الصلاة على الراحلة

    تحفة القافلة في حكم الصلاة على الراحلة: هذه الرسالة ألَّفها الشيخ - رحمه الله - ردًّا على سؤالٍ وردَه؛ حيث قال في مقدمة الكتاب: «فقد ورد سؤال عن حكم الصلاة على الراحلة في السفر، سواء صلاة فريضة أو نافلة، وسواء كان السفر طويلاً أو قصيرًا، وسواء كان سفر عبادة؛ كالحج والعمرة ونحوهما، أو لم يكن للعبادة؛ كالسفر للتجارة، والرحلة للاستجمام، والسياحة، والتمشية، وغير ذلك؛ وكذلك الصلاة على الراحلة في الحضَر، لا سيما في المدن الكبار مترامية الأطراف، وطلب السائل - وفقه الله - بسطَ الكلام وتزويده بما ورد من كلام العلماء - رحمهم الله - في ذلك». - اعتنى بإخراج الرسالة: عبد الرحمن بن علي العسكر.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/371017

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة