Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة يس - الآية 29

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29) (يس) mp3
" إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحه وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ " قَالَ فَأَهْلَكَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ الْمَلِك وَأَهْل أَنْطَاكِيَّة فَبَادُوا عَنْ وَجْه الْأَرْض فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَة وَقِيلَ " وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ " أَيْ وَمَا كُنَّا نُنَزِّل الْمَلَائِكَة عَلَى الْأُمَم إِذَا أَهْلَكْنَاهُمْ بَلْ نَبْعَث عَلَيْهِمْ عَذَابًا يُدَمِّرهُمْ وَقِيلَ الْمَعْنَى فِي قَوْله تَعَالَى " وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمه مِنْ بَعْده مِنْ جُنْد مِنْ السَّمَاء " أَيْ مِنْ رِسَالَة أُخْرَى إِلَيْهِمْ قَالَهُ مُجَاهِد وَقَتَادَة قَالَ قَتَادَة فَلَا وَاَللَّه مَا عَاتَبَ اللَّه قَوْمه بَعْد قَتْله " إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ " قَالَ اِبْن جَرِير وَالْأَوَّل أَصَحّ لِأَنَّ الرِّسَالَة لَا تُسَمَّى جُنْدًا . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ بَعَثَ اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِمْ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيْ بَاب بَلَدهمْ ثُمَّ صَاحَ فِيهِمْ صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ عَنْ آخِرهمْ لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ رُوح تَتَرَدَّد فِي جَسَد وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ كَثِير مِنْ السَّلَف أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَة هِيَ أَنْطَاكِيَّة وَأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة كَانُوا رُسُلًا مِنْ عِنْد الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ قَتَادَة وَغَيْره وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَر عَنْ وَاحِد مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمُفَسِّرِينَ غَيْره وَفِي ذَلِكَ نَظَر مِنْ وُجُوه " أَحَدهَا " أَنَّ ظَاهِر الْقِصَّة يَدُلّ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا رُسُل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَا مِنْ جِهَة الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا قَالَ تَعَالَى : " إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اِثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ - إِلَى أَنْ قَالُوا - رَبّنَا يَعْلَم إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبِين " وَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْحَوَارِيِّينَ لَقَالُوا عِبَارَة تُنَاسِب أَنَّهُمْ مِنْ عِنْد الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ثُمَّ لَوْ كَانُوا رُسُل الْمَسِيح لَمَا قَالُوا لَهُمْ " إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا " الثَّانِي " أَنَّ أَهْل أَنْطَاكِيَّة آمَنُوا بِرُسُلِ الْمَسِيح إِلَيْهِمْ وَكَانُوا أَوَّل مَدِينَة آمَنَتْ بِالْمَسِيحِ وَلِهَذَا كَانَتْ عِنْد النَّصَارَى إِحْدَى الْمَدَائِن الْأَرْبَعَة اللَّاتِي فِيهِنَّ بَتَارِكَة وَهُنَّ الْقُدْس لِأَنَّهَا بَلَد الْمَسِيح وَأَنْطَاكِيَّة لِأَنَّهَا أَوَّل بَلْدَة آمَنَتْ بِالْمَسِيحِ عَنْ آخِر أَهْلهَا وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة لِأَنَّ فِيهَا اِصْطَلَحُوا عَلَى اِتِّخَاذ الْبَتَارِكَة وَالْمَطَارِنَة وَالْأَسَاقِفَة وَالْقَسَاوِسَة وَالشَّمَامِسَة وَالرَّهَابِين . ثُمَّ رُومِيَّة لِأَنَّهَا مَدِينَة الْمَلِك قُسْطَنْطِين الَّذِي نَصَرَ دِينهمْ وَأَوْطَدَهُ وَلَمَّا اِبْتَنَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة نَقَلُوا الْبَتْرَك مِنْ رُومِيَّة إِلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ غَيْر وَاحِد مِمَّنْ ذَكَرَ تَوَارِيخهمْ كَسَعِيدِ بْن بِطْرِيق وَغَيْره مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُسْلِمِينَ فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ أَنْطَاكِيَّة أَوَّل مَدِينَة آمَنَتْ فَأَهْل هَذِهِ الْقَرْيَة ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رُسُله وَأَنَّهُ أَهْلَكَهُمْ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَة أَخَمَدَتْهُمْ وَاَللَّه أَعْلَم . " الثَّالِث " أَنَّ قِصَّة أَنْطَاكِيَّة مَعَ الْحَوَارِيِّينَ أَصْحَاب الْمَسِيح بَعْد نُزُول التَّوْرَاة وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد إِنْزَاله التَّوْرَاة لَمْ يُهْلِك أُمَّة مِنْ الْأُمَم عَنْ آخِرهمْ بِعَذَابٍ يَبْعَثهُ عَلَيْهِمْ بَلْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْد ذَلِكَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ذَكَرُوهُ عِنْد قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى :" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب مِنْ بَعْد مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُون الْأُولَى " فَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّن أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَة الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن قَرْيَة أُخْرَى غَيْر أَنْطَاكِيَّة كَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَيْضًا أَوْ تَكُون أَنْطَاكِيَّة إِنْ كَانَ لَفْظهَا مَحْفُوظًا فِي هَذِهِ الْقِصَّة مَدِينَة أُخْرَى غَيْر هَذِهِ الْمَشْهُورَة الْمَعْرُوفَة فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ يُعْرَف أَنَّهَا أُهْلِكَتْ لَا فِي الْمِلَّة النَّصْرَانِيَّة وَلَا قَبْل ذَلِكَ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التُّسْتَرِيّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن أَبِي السَّرِيّ الْعَسْقَلَانِيّ حَدَّثَنَا حُسَيْن الْأَشْقَر حَدَّثَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " السَّبَق ثَلَاثَة : فَالسَّابِق إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يُوشَع بْن نُون وَالسَّابِق إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام صَاحِب يس وَالسَّابِق إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " فَإِنَّهُ حَدِيث مُنْكَر لَا يُعْرَف إِلَّا مِنْ طَرِيق حُسَيْن الْأَشْقَر وَهُوَ شِيعِيّ مَتْرُوك وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الدعوة إلى الله فوائد وشواهد

    الدعوة إلى الله فوائد وشواهد: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله من أعظم القربات وأجل الطاعات. وسبق أن قدمت حلقتين في بث مباشر من إذاعة القرآن الكريم بالرياض بعنوان: «الدعوة إلى الله فوائد وشواهد». وقد رغب بعض الإخوة أن تخرج في كتيب تعميمًا للفائدة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229627

    التحميل:

  • صحيح البخاري

    صحيح البخاري: تحتوي هذه الصفحة على نسخة وورد، و pdf، والكترونية مفهرسة من كتاب صحيح البخاري، مع ترجمته إلى عدة لغات عالمية، فصحيح البخاري كتاب نفيس روى فيه الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسماه « الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ». • قال ابن كثير في البداية والنهاية: « وأجمع العلماء على قبوله - يعنى صحيح البخاري - وصحة ما فيه، وكذلك سائر أهل الإسلام ». • وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: « اتفق العلماء - رحمهم الله - على أن أصح الكتب بعد الكتاب العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة، وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث ».

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net - موقع الموسوعة الشاملة www.islamport.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/72992

    التحميل:

  • المنح الإلهية في إقامة الحجة على البشرية

    المنح الإلهية في إقامة الحجة على البشرية : يتكون هذا الكتاب من فصلين: الأول: المنح الإلهية وأثرها في إقامة الحجة على البشرية. الثاني: مشاهد من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية.

    الناشر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة http://www.eajaz.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193682

    التحميل:

  • دين الحق

    دين الحق: قال المصنف: «اعلم أيها الإنسان العاقل، أنه لا نجاة ولا سعادة لك في هذه الحياة، وفي الحياة الآخرة بعد الممات إلا إذا عرفت ربك الذي خلقك، وآمنت به وعبدته وحده، وعرفت نبيك الذي بعثه ربك إليك، وإلى جميع الناس، فآمنت به واتبعته، وعرفت دين الحق الذي أمرك به ربك، وآمنت به، وعملت به. وهذا الكتاب الذي بين يديك "دين الحق" فيه البيان لهذه الأمور العظيمة، التي يجب عليك معرفتها والعمل بها، وقد ذكرت في الحاشية ما تحتاج إليه بعض الكلمات والمسائل من زيادة إيضاح، معتمدًا في ذلك كله على كلام الله - تعالى - وأحاديث رسوله - عليه الصلاة والسلام -؛ لأنهما المرجع الوحيد لدين الحق الذي لا يقبل الله من أحد دينًا سواه. وقد تركت التقليد الأعمى الذي أضلّ كثيرًا من الناس، بل وذكرت جملة من الطوائف الضالة التي تدّعي أنها على الحق، وهي بعيدة عنه، لكي يحذرها الجاهلون بحالها من المنتمين إليها، وغيرهم. والله حسبي ونعم الوكيل».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1917

    التحميل:

  • إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد

    إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد : يعتبر كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من عُمَدِ كتب الاعتقاد في باب توحيد الإلهية في عصره وما بعده إلى عصرنا الحديث, حيث لقي رواجاً وقبولاً كبيراً, وانتفع به مالا يحصيه إلا الله كثرة في العالم أجمع, ومازال العلماء له شارحين ومبينين ومعلمين. وقد كان من بين أفضل شروحه, شرح حفيد المؤلف سليمان بن عبد الله له, إلا إنه لم يتم في كتابه الشهير بـ "تيسير العزيز الحميد " وفي هذا الكتاب الذي بين أيدينا "إبطال التنديد" قام المؤلف - يرحمه الله - بالتعليق على كتاب التوحيد, مكثراً في نقولاته, وعزوه من شرح حفيد المؤلف المذكور قريباً، مع بعض الزيادات. وقد انتهى الشيخ حمد بن عتيق من تأليف هذا الكتاب في اليوم السابع من شهر شوال سنة 1255هـ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291873

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة