Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة فاطر - الآية 28

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) (فاطر) mp3
وَقَوْله تَعَالَى : " وَمِنْ النَّاس وَالدَّوَابّ وَالْأَنْعَام مُخْتَلِف أَلْوَانه كَذَلِكَ " أَيْ كَذَلِكَ الْحَيَوَانَات مِنْ النَّاس وَالدَّوَابّ وَهُوَ كُلّ مَا دَبَّ عَلَى الْقَوَائِم وَالْأَنْعَام مِنْ بَاب عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ كَذَلِكَ هِيَ مُخْتَلِفَة أَيْضًا فَالنَّاس مِنْهُمْ بَرْبَر وَحُبُوشٌ وَطِمَاطِم فِي غَايَة السَّوَاد وَصَقَالِبَة وَرُوم فِي غَايَة الْبَيَاض وَالْعَرَب بَيْن ذَلِكَ وَالْهُنُود دُون ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : فِي الْآيَة الْأُخْرَى " وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُمْ وَأَلْوَانكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِلْعَالِمِينَ " وَكَذَلِكَ الدَّوَابّ وَالْأَنْعَام مُخْتَلِفَة الْأَلْوَان حَتَّى فِي الْجِنْس الْوَاحِد بَلْ النَّوْع الْوَاحِد مِنْهُمْ مُخْتَلِف الْأَلْوَان بَلْ الْحَيَوَان الْوَاحِد يَكُون أَبْلَق فِيهِ مِنْ هَذَا اللَّوْن وَهَذَا اللَّوْن فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ . وَقَدْ قَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن سَهْل حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَبَانَ بْن صَالِح حَدَّثَنَا زِيَاد بْن عَبْد اللَّه عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعْد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيَصْبُغُ رَبّك قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَعَمْ صَبْغًا لَا يُنْفَض أَحْمَر وَأَصْفَر وَأَبْيَض" وَرُوِيَ مُرْسَلًا وَمَوْقُوفًا وَاَللَّه أَعْلَم . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : بَعْد هَذَا " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء" أَيْ إِنَّمَا يَخْشَاهُ حَقّ خَشْيَته الْعُلَمَاء الْعَارِفُونَ بِهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَتْ الْمَعْرِفَة لِلْعَظِيمِ الْقَدِير الْعَلِيم الْمَوْصُوف بِصِفَاتِ الْكَمَال الْمَنْعُوت بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى كُلَّمَا كَانَتْ الْمَعْرِفَة بِهِ أَتَمَّ وَالْعِلْم بِهِ أَكْمَلَ كَانَتْ الْخَشْيَة لَهُ أَعْظَم وَأَكْثَر . قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى : " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء " قَالَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير " . وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة عَنْ اِبْن أَبِي عَمْرَة عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : الْعَالِم بِالرَّحْمَنِ مِنْ عِبَاده مَنْ لَمْ يُشْرِك شَيْئًا وَأَحَلَّ حَلَاله وَحَرَّمَ حَرَامه وَحَفِظَ وَصِيَّته وَأَيْقَنَ أَنَّهُ مُلَاقِيه وَمُحَاسَب بِعَمَلِهِ وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر الْخَشْيَة هِيَ الَّتِي تَحُول بَيْنك وَبَيْن مَعْصِيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ الْعَالِم مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَرَغِبَ فِيمَا رَغَّبَ اللَّه فِيهِ وَزَهِدَ فِيمَا سَخَّطَ اللَّه فِيهِ ثُمَّ تَلَا الْحَسَن " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّه عَزِيز غَفُور " وَعَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ الْعِلْم عَنْ كَثْرَة الْحَدِيث وَلَكِنَّ الْعِلْم عَنْ كَثْرَة الْخَشْيَة . وَقَالَ أَحْمَد بْن صَالِح الْمِصْرِيّ عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك قَالَ : إِنَّ الْعِلْم لَيْسَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَة وَإِنَّمَا الْعِلْم نُور يَجْعَلهُ اللَّه فِي الْقَلْب . قَالَ أَحْمَد بْن صَالِح الْمِصْرِيّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَشْيَة لَا تُدْرَك بِكَثْرَةِ الرِّوَايَة وَإِنَّمَا الْعِلْم الَّذِي فَرَضَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُتَّبَع فَإِنَّمَا هُوَ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَمَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَمَنْ بَعْدهمْ مِنْ أَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا لَا يُدْرَك إِلَّا بِالرِّوَايَةِ وَيَكُون تَأْوِيل قَوْله : نُور يُرِيد بِهِ فَهْم الْعِلْم وَمَعْرِفَة مَعَانِيه . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمِيّ عَنْ رَجُل قَالَ : كَانَ يُقَال الْعُلَمَاء ثَلَاثَة عَالِم بِاَللَّهِ عَالِم بِأَمْرِ اللَّه وَعَالِم بِاَللَّهِ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّه وَعَالِم بِأَمْرِ اللَّه لَيْسَ بِعَالِمٍ بِاَللَّهِ ; فَالْعَالِمُ بِاَللَّهِ وَبِأَمْرِ اللَّه الَّذِي يَخْشَى اللَّه تَعَالَى وَيَعْلَم الْحُدُود وَالْفَرَائِض وَالْعَالِم بِاَللَّهِ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّه الَّذِي يَخْشَى اللَّه وَلَا يَعْلَم الْحُدُود وَالْفَرَائِض وَالْعَالِم بِأَمْرِ اللَّه لَيْسَ بِعَالِمٍ بِاَللَّهِ الَّذِي يَعْلَم الْحُدُود وَالْفَرَائِض وَلَا يَخْشَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • عقوق الوالدين .. أسبابه - مظاهره - سبل العلاج

    عقوق الوالدين : إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية، واتفقت عليه الشرائع السماوية، وهو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين، كما أنه دليل على صدق الإيمان، وكرم النفس، وحسن الوفاء. وبر الوالدين من محاسن الشريعة الإسلامية؛ ذلك أنه اعتراف بالجميل، وحفظ للفضل، وعنوان على كمال الشريعة، وإحاطتها بكافة الحقوق. ويحتوي هذا الكتاب على الأمور الآتية: تعريف العقوق، من مظاهر عقوق الوالدين، نماذج من قصص العقوق، أسباب العقوق، سبل العلاج، تعريف البر بالوالدين، الآداب التي تراعى مع الوالدين، الأمور المعينة على البر، بين الزوجة والوالدين، نماذج من قصص البر.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117068

    التحميل:

  • العذاب الأدنى حقيقته ، أنواعه ، أسبابه

    هذا البحث يتناول بيان حقيقة العذاب الأدنى الوارد ذكره في قوله تعالى:(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .كما يوضح أنواعه وأسبابه. وتضمن هذا البحث بيان أن هذا العذاب الأدنى ، وأنه واقع في الأمم السابقة، ومتوعد به العصاة من هذه الأمة، وأن أنواع هذا العذاب كثيرة منها ما يكون في الحياة الدنيا، ومنها ما يكون في القبر، وأن هذا النكال متنوع، فتارة يكون زلزالا مدمرا، وتارة يأتي على هيئة ريح عاتية، وتارة ثالثة يكون مرضا عضالا، وتارة رابعة يكون خسفا ومسخا... إلى آخر صور هذا العذاب . كما تبين في هذا البحث أن أسبابه متعددة يأتي على رأسها الكفر بالله، والشرك، وترك الصلاة، ثم اللواط، والزنى، والإحداث في الدين، والنميمة ...إلى آخر هذه الأسباب المذكورة في ثنايا البحث . ومن خلال هذا البحث اتضح أنه كلما كان السبب خاصا كان العذاب والنكال خاصا، وكلما كان السبب عاما كانت العقوبة عامة، وما ربك بظلام للعبيد. وظهر في هذا البحث أن هذا العذاب المتوعد به ليس خبرا ماضيا، بل هو حق على حقيقة، وهو وعيد متحتم الوقوع أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض صوره أنها ستقع قبل يوم القامة إذا توافرت أسبابها، وبين في صور أخرى أنها مقبلة لا محالة، فويل لمن أدركها!.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/256037

    التحميل:

  • الكذب

    الكذب: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من سبر أحوال غالب الناس اليوم ، وجد بضاعتهم في الحديث «الكذب»، وهم يرون أن هذا من الذكاء والدهاء وحسن الصنيع، بل ومن مميزات الشخصية المقتدرة. ولقد نتج عن هذا الأمر عدم الثقة بالناس حتى إن البعض لا يثق بأقرب الناس إليه، لأن الكذب ديدنه ومغالطة الأمور طريقته. وهذا الكتيب هو الثالث من «رسائل التوبة» يتحدث عن الكذب: أدلة تحريمه، وأسبابه، وعلاجه. وفيه مباحث لطيفة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/345925

    التحميل:

  • تلبيس مردود في قضايا حية

    تلبيس مردود في قضايا حية : عبارة عن أسئلة أثارتها مؤسسة صليبيَّة تنصيريَّة تُسمِّي نفسَها " الآباء البِيض "، وتدور حول الموضوعات الآتية: - المساواة. - الحرِّية " حرِّية الدِّين - الرق ". - المرأة. - تطبيق الشريعة. - الجهاد.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/144920

    التحميل:

  • مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية، وقد شرحها العديد من أهل العلم، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان - رحمه الله -، وذلك في صورة سؤال وجواب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2563

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة