Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأحزاب - الآية 49

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49) (الأحزاب) mp3
هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة فِيهَا أَحْكَام كَثِيرَة مِنْهَا إِطْلَاق النِّكَاح عَلَى الْعَقْد وَحْده وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن آيَة أَصْرَح فِي ذَلِكَ مِنْهَا وَقَدْ اِخْتَلَفُوا فِي النِّكَاح هَلْ هُوَ حَقِيقَة فِي الْعَقْد وَحْده أَوْ فِي الْوَطْء أَوْ فِيهِمَا ؟ عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال وَاسْتِعْمَال الْقُرْآن إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَقْد وَالْوَطْء بَعْده إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَة فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَقْد وَحْده لِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ" وَفِيهَا دَلَالَة لِإِبَاحَةِ طَلَاق الْمَرْأَة قَبْل الدُّخُول بِهَا وَقَوْله تَعَالَى " الْمُؤْمِنَات " خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب إِذْ لَا فَرْق فِي الْحُكْم بَيْن الْمُؤْمِنَة وَالْكِتَابِيَّة فِي ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ اِسْتَدَلَّ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَسَعِيد اِبْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَعَلِيّ بْن الْحُسَيْن زَيْن الْعَابِدِينَ وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف بِهَذِهِ الْآيَة عَلَى أَنَّ الطَّلَاق لَا يَقَع إِلَّا إِذَا تَقَدَّمَهُ نِكَاح لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ " إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ " فَعَقَّبَ النِّكَاح بِالطَّلَاقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحّ وَلَا يَقَع قَبْله وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَطَائِفَة كَثِيرَة مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف رَحِمَهمْ اللَّه تَعَالَى وَذَهَبَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة رَحِمَهمَا اللَّه تَعَالَى إِلَى صِحَّة الطَّلَاق قَبْل النِّكَاح فِيمَا إِذَا قَالَ إِنْ تَزَوَّجْت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَعِنْدهمَا مَتَى تَزَوَّجَهَا طَلُقَتْ مِنْهُ وَاخْتَلَفَا فِيمَا إِذَا قَالَ كُلّ اِمْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق فَقَالَ مَالِك : لَا تَطْلُق حَتَّى يُعَيِّن الْمَرْأَة وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه كُلّ اِمْرَأَة يَتَزَوَّجهَا بَعْد هَذَا الْكَلَام تَطْلُق مِنْهُ فَأَمَّا الْجُمْهُور فَاحْتَجُّوا عَلَى عَدَم وُقُوع الطَّلَاق بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنْصُور الْمَرْوَزِيّ حَدَّثَنَا النَّضْر بْن شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا يُونُس يَعْنِي اِبْن أَبِي إِسْحَاق قَالَ سَمِعْت آدَم مَوْلَى خَالِد عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ إِذَا قَالَ كُلّ اِمْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق قَالَ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْل أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ " الْآيَة وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ مَطَر عَنْ الْحَسَن بْن مُسْلِم بْن يَنَّاق عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : إِنَّمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ " أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّلَاق بَعْد النِّكَاح وَهَكَذَا رَوَى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ دَاوُدَ بْن الْحُصَيْن عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ اللَّه تَعَالَى " إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ" فَلَا طَلَاق قَبْل النِّكَاح وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيث بِذَلِكَ عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طَلَاق لِابْنِ آدَم فِيمَا لَا يَمْلِك رَوَاهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَهُوَ أَحْسَن شَيْء رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب وَهَكَذَا رَوَى اِبْن مَاجَهْ عَنْ عَلِيّ عَنْ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَا طَلَاق قَبْل النِّكَاح وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ : " فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا" هَذَا أَمْر مُجْمَع عَلَيْهِ بَيْن الْعُلَمَاء أَنَّ الْمَرْأَة إِذَا طَلُقَتْ قَبْل الدُّخُول بِهَا لَا عِدَّة عَلَيْهَا فَتَذْهَب فَتَتَزَوَّج فِي فَوْرهَا مَنْ شَاءَتْ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا إِلَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدّ مِنْهُ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا وَقَوْله تَعَالَى : " فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا" الْمُتْعَة هَهُنَا أَعَمّ مِنْ أَنْ تَكُون نِصْف الصَّدَاق الْمُسَمَّى أَوْ الْمُتْعَة الْخَاصَّة إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمَّى لَهَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ " وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ " لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ " وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ سَهْل بْن سَعْد وَأَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَا : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمَيْمَة بِنْت شَرَاحِيل فَلَمَّا أَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ بَسَطَ يَده إِلَيْهَا فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزهَا وَيَكْسُوهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ . قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النِّصْف وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا أَمْتَعَهَا عَلَى قَدْر عُسْره وَيُسْره وَهُوَ السَّرَاح الْجَمِيل .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • شرح الدروس المهمة لعامة الأمة

    الدروس المهمة لعامة الأمة: هذه الرسالة على صغر حجمها جمع المؤلف - رحمه الله - بين دفتيها سائر العلوم الشرعية من أحكام الفقه الأكبر والفقه الأصغر، وما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية، وختم هذه الرسالة بالتحذير من الشرك وأنواع المعاصي، فأتت الرسالة بما ينبغي أن يكون عليه المسلم عقيدة وعبادةً، وسلوكا ومنهجا، فهذه الرسالة اسم على مسمى فهي بحق الدروس المهمة لعامة الأمة.؛ لذا قام العديد من المشايخ بشرح هذه الرسالة اللطيفة، ومن هذه الشروح شرح الشيخ محمد بن علي العرفج - أثابه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66738

    التحميل:

  • شرح العقيدة الواسطية من تقريرات سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية؛ لذلك حرص العلماء وطلبة العلم على شرحها وبيان معانيها، وقد قام فضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم - رحمه الله - بجمع تقريرات سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - على هذا الكناب النفيس، وقد أخرجها وأعدها للطبع الشيخ عبد المحسن القاسم - أثابه الله - إمام وخطيب المسجد النبوي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/203415

    التحميل:

  • مسائل أبي عمر السدحان للإمام عبد العزيز بن باز

    قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - جزاه الله خيراً - « فإنّ مما يجرى أجره على الإنسان بعد موته علمًا يُنتفَع به، وإنّ شيخَنا الجليل الشيخ: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - قد ورّث علمًا نافعًا - إن شاء الله -، من جملته هذه الفتاوى التي رواها عنه تلميذُه الشيخ الدكتور: عبد العزيز السدحان في مواضيع مختلفة. وقد قرأتُها واستفدتُ منها، وأرجو أن يستفيد منها كلّ من اطلّع عليها، وأن يجري أجرها على شيخنا الشيخ عبدالعزيز وعلى راويها الشيخ: عبدالعزيز السدحان، وصلى الله وسلم على نبينِّا محمد وآله وصحبه ». - وفي هذه الصفحة جزآن من هذه المسائل العلمية النافعة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233551

    التحميل:

  • مفسدات القلوب [ الشهوة ]

    مفسدات القلوب [ الشهوة ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فالحديث عن الشهوة وما يعتريها من أحوال مطلبٌ مُلِحّ لكل مسلم ومسلمة، لا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مُثيراتها، وغلب تأثيرها. فما الشهوة؟ ولماذا خُلقت؟ وما أسباب الوقوع في الشهوة المحرمة؟ وما علاج الشهوة المحرمة؟. هذا ما سنتطرَّق إليه في ثنايا هذا الكتاب».

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355752

    التحميل:

  • اتحاف الخلق بمعرفة الخالق

    اتحاف الخلق بمعرفة الخالق : في هذه الرسالة ذكر أنواع التوحيد وذكر قواعد في طريقة القرآن في تقرير التوحيد ونفي ضده. وبيان حق الله تعالى على عباده بأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وبيان مكانة لا إله إلا الله في الحياة وفضائلها ومعناها ووجوب معرفة الله تعالى وتوحيده بالأدلة وانفراده تعالى بالملك والتصرف وقدرته على كل شيء وبيان مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا هو وإحاطة علم الله بكل شيء. وذكر شيء من آيات الله ومخلوقاته الدالة على توحيده وعظمته وعلمه وقدرته. وذكر خلاصة عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة. وذكر توحيد الأنبياء والمرسلين المتضمن تنزيه الخالق عما لا يليق بجلاله وعظمته وشرح أسمائه الحسنى وصفاته العلا وبيان الطريق إلى العلم بأنه لا إله إلا الله وبيان حكم الإيمان بالقدر وصفته ومراتبه وأنواع التقادير وذكرت أرقام الآيات القرآنية من سورها من المصحف الشريف.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208992

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة