Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الشعراء - الآية 139

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (139) (الشعراء) mp3
وَقَوْله تَعَالَى : " فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ" أَيْ اِسْتَمَرُّوا عَلَى تَكْذِيب نَبِيّ اللَّه هُود وَمُخَالَفَته وَعِنَاده فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه وَقَدْ بَيَّنَ سَبَب إِهْلَاكه إِيَّاهُمْ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ الْقُرْآن بِأَنَّهُ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا عَاتِيَة أَيْ رِيحًا شَدِيدَة الْهُبُوب ذَات بَرْد شَدِيد جِدًّا فَكَانَ سَبَب إِهْلَاكهمْ مِنْ جِنْسهمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَعْتَى شَيْء وَأَجْبَرَهُ فَسَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَعْتَى مِنْهُمْ وَأَشَدّ قُوَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى : " أَلَمْ تَرَ كَيْف فَعَلَ رَبّك بِعَادٍ إِرَم ذَات الْعِمَاد " وَهُمْ عَاد الْأُولَى كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى " وَهُمْ مِنْ نَسْل إِرَم بْن سَام بْن نُوح " ذَات الْعِمَاد " الَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ الْعُمُد وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِرَم مَدِينَة فَإِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات مِنْ كَلَام كَعْب وَوَهْب وَلَيْسَ لِذَلِكَ أَصْل أَصِيل وَلِهَذَا قَالَ " الَّتِي لَمْ يُخْلَق مِثْلهَا فِي الْبِلَاد " أَيْ لَمْ يُخْلَق مِثْل هَذِهِ الْقَبِيلَة فِي قُوَّتهمْ وَشِدَّتهمْ وَجَبَرُوتهمْ وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد بِذَلِكَ مَدِينَة لَقَالَ الَّتِي لَمْ يُبْنَ مِثْلهَا فِي الْبِلَاد وَقَالَ تَعَالَى : " فَأَمَّا عَادَ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدّ مِنَّا قُوَّة ؟ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّه الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوَّة وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ " وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يُرْسِل عَلَيْهِمْ مِنْ الرِّيح إِلَّا مِقْدَار أَنْف الثَّوْر عَتَتْ عَلَى الْخَزَنَة فَأَذِنَ اللَّه لَهَا فِي ذَلِكَ فَسَلَكَتْ فَحَصَبَتْ بِلَادهمْ فَحَصَبَتْ كُلّ شَيْء لَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : " تُدَمِّر كُلّ شَيْء بِأَمْرِ رَبّهَا " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى : " وَأَمَّا عَادَ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَر عَاتِيَة " - إِلَى قَوْله " حُسُومًا" - أَيْ كَامِلَة - " فَتَرَى الْقَوْم فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز نَخْل خَاوِيَة " أَيْ بَقُوا أَبْدَانًا بِلَا رُءُوس وَذَلِكَ أَنَّ الرِّيح كَانَتْ تَأْتِي الرَّجُل مِنْهُمْ فَتَقْتَلِعهُ وَتَرْفَعهُ فِي الْهَوَاء ثُمَّ تُنَكِّسهُ عَلَى أُمّ رَأْسه فَتَشْدَخ دِمَاغه وَتَكْسِر رَأْسه وَتُلْقِيه كَأَنَّهُمْ أَعْجَاز نَخْل مُنْقَعِر وَقَدْ كَانُوا تَحَصَّنُوا فِي الْجِبَال وَالْكُهُوف وَالْمَغَارَات وَحَفَرُوا لَهُمْ فِي الْأَرْض إِلَى أَنْصَافهمْ فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَمْر اللَّه شَيْئًا " إِنَّ أَجَل اللَّه إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّر" وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ " الْآيَة.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • السحر بين الماضي والحاضر

    السحر بين الماضي والحاضر: في هذا الكتاب بيان لموضوع السحر بشيءٍ من التيسير والإجمال، وعرض لما كان عليه في الماضي والحاضر، وذلك خلال الفصول التالية: الفصل الأول: مفهوم السحر، وأنواعه. الفصل الثاني: أحكام تتعلق بالسحر والسحرة. الفصل الثالث: حل السحر عن المسحور (النشرة). الفصل الرابع: أسباب انتشار السحر، وبطلان زيف السحرة. الفصل الخامس: السحر في العصر الحاضر والموقف من السحرة.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355728

    التحميل:

  • دروس رمضان

    دروس رمضان : يحتوي هذا الكتاب بعض الدروس التي من الممكن ان يستفيد منها الداعية في دروسه خلال هذا الشهر الكريم.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117065

    التحميل:

  • الرائد في تجويد القرآن

    الرائد في تجويد القرآن: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «ولا يزالُ المُسلمون على مدى العصور والدهور يتَسَابقون إلى اكتِسابِ شرفِ خدمةِ هذا الكتابِ المَجيدِ تعليمًا، وتدوينًا، وتسجيلاً. ولقد كان من نعم الله عليَّ أن أكون ضمنَ من أوقَفوا حياتَهم على دراسةِ علوم القرآن الكريم. وإن هذا الجهد المُتواضِع الذي بذَلتُه في كتابي هذا: «الرائد في تجويد القرآن»، أرجو أن يكون في موضعِ القَبول».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384393

    التحميل:

  • فتاوى إمام المفتين ورسول رب العالمين

    فتاوى إمام المفتين ورسول رب العالمين: فتاوى في العقيدة، الطهارة، الصلاة، الموت، الزكاة، الصوم، ليلة القدر، الحج، الأضحية، فضل بعض السور، فضل بعض الأعمال، الكسب، البيوع، المواريث ... إلخ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1962

    التحميل:

  • من أحكام الفقه الإسلامي وما جاء في المعاملات الربوية وأحكام المداينة

    فقد طلب مني بعض الإخوان أن أفرد من كتابي "بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين" ما يتعلق بالمعاملات الربوية التي وقع فيها كثير من الناس وطرق الكسب الحرام تحذيراً منها ومن سوء عاقبتها وما يتعلق بالاقتصاد في النفقات وأحكام المداينة فأجبتهم إلى ذلك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209204

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة