Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الحج - الآية 53

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) (الحج) mp3
" لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض وَالْقَاسِيَة قُلُوبهمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاق بَعِيد" فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّه قَضَاءَهُ وَبَرَّأَهُ مِنْ سَجْع الشَّيْطَان اِنْقَلَبَ الْمُشْرِكُونَ بِضَلَالَتِهِمْ وَعَدَاوَتهمْ الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِمْ وَهَذَا أَيْضًا مُرْسَل وَفِي تَفْسِير اِبْن جَرِير عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام نَحْوه وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة فَلَمْ يَجُزْ بِهِ مُوسَى بْن عُقْبَة سَاقَهُ مِنْ مَغَازِيه بِنَحْوِهِ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاق هَذِهِ الْقِصَّة " قُلْت " وَقَدْ ذَكَرَهَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَكُلّهَا مُرْسَلَات وَمُنْقَطِعَات وَاَللَّه أَعْلَم وَقَدْ سَاقَهَا الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره مَجْمُوعَة مِنْ كَلَام اِبْن عَبَّاس وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَغَيْرهمَا بِنَحْوٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ سَأَلَ هَهُنَا سُؤَالًا كَيْف وَقَعَ مِثْل هَذَا مَعَ الْعِصْمَة الْمَضْمُونَة مِنْ اللَّه تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَاة اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ ثُمَّ حَكَى أَجْوِبَة عَنْ النَّاس مِنْ أَلْطَفهَا أَنَّ الشَّيْطَان أَوْقَع فِي مَسَامِع الْمُشْرِكِينَ ذَلِكَ فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُ صَدَرَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي نَفْس الْأَمْر بَلْ إِنَّمَا كَانَ مِنْ صَنِيع الشَّيْطَان لَا عَنْ رَسُول الرَّحْمَن وَاَللَّه أَعْلَم . وَهَكَذَا تَنَوَّعَتْ أَجْوِبَة الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ هَذَا بِتَقْدِيرِ صِحَّته وَقَدْ تَعَرَّضَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَاب الشِّفَاء لِهَذَا وَأَجَابَ بِمَا حَاصِله أَنَّهَا كَذَلِكَ لِثُبُوتِهَا وَقَوْله " إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته " هَذَا فِيهِ تَسْلِيَة مِنْ اللَّه لِرَسُولِهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ أَيْ لَا يُهِيدَنَّك فَقَدْ أَصَابَ مِثْل هَذَا مَنْ قَبْلك مِنْ الْمُرْسَلِينَ وَالْأَنْبِيَاء قَالَ الْبُخَارِيّ قَالَ اِبْن عَبَّاس " فِي أُمْنِيَّته " إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَان فِي حَدِيثه فَيُبْطِل اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان " ثُمَّ يُحْكِم اللَّه آيَاته " قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس" إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته " يَقُول إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَان فِي حَدِيثه وَقَالَ مُجَاهِد " إِذَا تَمَنَّى" يَعْنِي إِذَا قَالَ يُقَال أُمْنِيَّته قِرَاءَته " إِلَّا أَمَانِيّ" يَقْرَءُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَأَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا مَعْنَى قَوْله " تَمَنَّى " أَيْ تَلَا وَقَرَأَ كِتَاب اللَّه" أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته " أَيْ فِي تِلَاوَته قَالَ الشَّاعِر فِي عُثْمَان حِين قُتِلَ : تَمَنَّى كِتَاب اللَّه أَوَّل لَيْلَة وَآخِرهَا لَاقَى حِمَام الْمَقَادِر وَقَالَ الضَّحَّاك " إِذَا تَمَنَّى " إِذَا تَلَا قَالَ اِبْن جَرِير هَذَا الْقَوْل أَشْبَه بِتَأْوِيلِ الْكَلَام وَقَوْله " فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان " حَقِيقَة النَّسْخ لُغَة : الْإِزَالَة وَالرَّفْع قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْ فَيُبْطِل اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى مَا أَلْقَى الشَّيْطَان وَقَالَ الضَّحَّاك نَسَخَ جِبْرِيل بِأَمْرِ اللَّه مَا أَلْقَى الشَّيْطَان وَأَحْكَمَ اللَّه آيَاته وَقَوْله " وَاَللَّه عَلِيم " أَيْ بِمَا يَكُون مِنْ الْأُمُور وَالْحَوَادِث لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة " حَكِيم " أَيْ فِي تَقْدِيره وَخَلْقه وَأَمْره لَهُ الْحِكْمَة التَّامَّة وَالْحُجَّة الْبَالِغَة وَلِهَذَا قَالَ" لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض " أَيْ شَكّ وَشِرْك وَكُفْر وَنِفَاق كَالْمُشْرِكِينَ حِين فَرِحُوا بِذَلِكَ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ صَحِيح مِنْ عِنْد اللَّه وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ الشَّيْطَان قَالَ اِبْن جُرَيْج " الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض " هُمْ الْمُنَافِقُونَ " وَالْقَاسِيَة قُلُوبهمْ " هُمْ الْمُشْرِكُونَ وَقَالَ مُقَاتِل بْن حَيَّان هُمْ الْيَهُود " وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاق بَعِيد " أَيْ فِي ضَلَال وَمُخَالَفَة وَعِنَاد بَعِيد أَيْ مِنْ الْحَقّ وَالصَّوَاب .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • افتراءات المنصرين على القرآن أنه يؤيد زعم ألوهية المسيح عليه السلام

    افتراءات المنصرين على القرآن أنه يؤيد زعم ألوهية المسيح عليه السلام [ دراسة نقدية ] : في هذا الكتاب يرد الكاتب على المنصرين من جهتين: إسلامية (من خلال القرآن وما يرتبط بذلك )، ونصرانية ( من خلال التوراة والأناجيل ) لرد دعوى النصارى على القرآن وفق منهج يبين كذبهم على كتاب الله ويلزمهم في الوقت نفسه من خلال مسلماتهم بما يدل عليه القرآن المهيمن على ما قبله من الكتاب.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/90689

    التحميل:

  • مجموعة الحديث للشيخ محمد بن عبد الوهاب

    عبارة عن ترتيب للأحاديث المنتقاة من قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - على الأبواب الفقهية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264175

    التحميل:

  • فقه الواقع

    فقه الواقع: فإن المتأمل في واقع الأمة الإسلامية في العصور المتأخرة يتألَّم لما آلَت إليه الحال، وما وصلت إليه من مستوى يندَى له الجبين، وقد قلَّبتُ النظر في هذا الواقع متلمِّسًا الأسباب، وباحثًا عن سُبل العلاج، محاولاً المساهمة في الخروج من هذا الوضع إلى المكانة التي تليق بنا، نصحًا للأمة، وإبراءً للذمة. ونجِد الشيخ - حفظه الله - في هذا المُؤلَّف قد أصَّل لهذا الموضوع وبيَّنه بيانًا شافيًا.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337577

    التحميل:

  • طالب العلم بين الترتيب والفوضوية

    طالب العلم بين الترتيب والفوضوية : هذه الرسالة عن الترتيب في حياة طالب العلم وآثاره الحميدة، والفوضوية وعواقبه الوخيمة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233541

    التحميل:

  • كيف تكون مفتاحًا للخير؟

    كيف تكون مفتاحًا للخير؟: رسالةٌ مختصرة جمع فيها المؤلف - حفظه الله - ستة عشر أمرًا من الأمور التي تُعين على أن يكون العبد مفتاحًا للخير; مغلاقًا للشر.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316778

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة