Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الكهف - الآية 49

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) (الكهف) mp3
وَقَوْله " وَوُضِعَ الْكِتَاب " أَيْ كِتَاب الْأَعْمَال الَّذِي فِيهِ الْجَلِيل وَالْحَقِير وَالْفَتِيل وَالْقِطْمِير وَالصَّغِير وَالْكَبِير " فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ " أَيْ مِنْ أَعْمَالهمْ السَّيِّئَة وَأَفْعَالهمْ الْقَبِيحَة وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتنَا أَيْ يَا حَسْرَتنَا وَوَيْلنَا عَلَى مَا فُرِّطَ فِي أَعْمَارنَا " مَا لِهَذَا الْكِتَاب لَا يُغَادِر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أَحْصَاهَا " أَيْ لَا يَتْرُك ذَنْبًا صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا وَلَا عَمَلًا وَإِنْ صَغُرَ إِلَّا أَحْصَاهَا أَيْ ضَبَطَهَا وَحَفِظَهَا . وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّم فِي الْآيَة قَبْلهَا إِلَى سَعْد اِبْن جُنَادَة قَالَ : لَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَة حُنَيْن نَزَلْنَا قَفْرًا مِنْ الْأَرْض لَيْسَ فِيهِ شَيْء فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِجْمَعُوا مَنْ وَجَدَ عُودًا فَلْيَأْتِ بِهِ وَمَنْ وَجَدَ حَطَبًا أَوْ شَيْئًا فَلْيَأْتِ بِهِ " قَالَ فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة حَتَّى جَعَلْنَاهُ رُكَامًا فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَتَرَوْنَ هَذَا ؟ فَكَذَلِكَ تُجْمَع الذُّنُوب عَلَى الرَّجُل مِنْكُمْ كَمَا جَمَعْتُمْ هَذَا فَلْيَتَّقِ اللَّه رَجُل وَلَا يُذْنِب صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة فَإِنَّهَا مُحْصَاة عَلَيْهِ " . وَقَوْله " وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا " أَيْ مِنْ خَيْر وَشَرّ كَمَا قَالَ تَعَالَى " يَوْم تَجِد كُلّ نَفْس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْر مُحْضَرًا " الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى " يُنَبَّأ الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ " وَقَالَ تَعَالَى " يَوْم تُبْلَى السَّرَائِر " أَيْ تَظْهَر الْمُخَبَّآت وَالضَّمَائِر قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيد حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لِكُلِّ غَادِر لِوَاء يَوْم الْقِيَامَة يُعْرَف بِهِ " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي لَفْظ " يُرْفَع لِكُلِّ غَادِر لِوَاء يَوْم الْقِيَامَة عِنْد اِسْته بِقَدْرِ غَدْرَته يُقَال هَذِهِ غَدْرَة فُلَان بْن فُلَان " وَقَوْله " وَلَا يَظْلِم رَبّك أَحَدًا " أَيْ فَيَحْكُم بَيْن عِبَاده فِي أَعْمَالهمْ جَمِيعًا وَلَا يَظْلِم أَحَدًا مِنْ خَلْقه بَلْ يَعْفُو وَيَصْفَح وَيَغْفِر وَيَرْحَم وَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء بِقُدْرَتِهِ وَحِكْمَته وَعَدْله وَيَمْلَأ النَّار مِنْ الْكُفَّار وَأَصْحَاب الْمَعَاصِي ثُمَّ يُنَجِّي أَصْحَاب الْمَعَاصِي وَيُخَلِّد فِيهَا الْكَافِرِينَ وَهُوَ الْحَاكِم الَّذِي لَا يَجُور وَلَا يَظْلِم قَالَ تَعَالَى " إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا " الْآيَة وَقَالَ " وَنَضَع الْمَوَازِين الْقِسْط لِيَوْمِ الْقِيَامَة فَلَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا - إِلَى قَوْله - حَاسِبِينَ " وَالْآيَات فِي هَذَا كَثِيرَة وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا يَزِيد أَخْبَرَنَا هَمَّام بْن يَحْيَى عَنْ الْقَاسِم بْن عَبْد الْوَاحِد الْمَكِّيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُقَيْل أَنَّهُ سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَقُول : بَلَغَنِي حَدِيث عَنْ رَجُل سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاشْتَرَيْت بَعِيرًا ثُمَّ شَدَدْت عَلَيْهِ رَحْلًا فَسِرْت عَلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْت عَلَيْهِ الشَّام فَإِذَا عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس فَقُلْت لِلْبَوَّابِ قُلْ لَهُ جَابِر عَلَى الْبَاب فَقَالَ اِبْن عَبْد اللَّه : قُلْت نَعَمْ فَخَرَجَ يَطَأ ثَوْبه فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْته فَقُلْت حَدِيث بَلَغَنِي عَنْك أَنَّك سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاص فَخَشِيت أَنْ تَمُوت أَوْ أَمُوت قَبْل أَنْ أَسْمَعهُ فَقَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " يَحْشُر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة - أَوْ قَالَ الْعِبَاد - عُرَاة غُرْلًا بُهْمًا " قُلْت وَمَا بُهْمًا ؟ قَالَ " لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْء ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعهُ مَنْ قَرُبَ : أَنَا الْمَلِك أَنَا الدَّيَّان لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْل النَّار أَنْ يَدْخُل النَّار وَلَهُ عِنْد أَحَد مِنْ أَهْل الْجَنَّة حَقّ حَتَّى أَقْضِيه مِنْهُ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْل الْجَنَّة أَنْ يَدْخُل الْجَنَّة وَلَهُ عِنْد رَجُل مِنْ أَهْل النَّار حَقّ حَتَّى أَقْضِيه مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَة قَالَ : قُلْنَا كَيْف وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حُفَاة عُرَاة غُرْلًا بُهْمًا ؟ قَالَ " بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَات " وَعَنْ شُعْبَة عَنْ الْعَوَّام بْن مُزَاحِم عَنْ أَبِي عُثْمَان عَنْ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ الْجَمَّاء لَتَقْتَصّ مِنْ الْقَرْنَاء يَوْم الْقِيَامَة " رَوَاهُ عَبْد اللَّه بْن الْإِمَام أَحْمَد وَلَهُ شَوَاهِد مِنْ وُجُوه أُخَر وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا عِنْد قَوْله تَعَالَى " وَنَضَع الْمَوَازِين الْقِسْط لِيَوْمِ الْقِيَامَة فَلَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا " وَعِنْد قَوْله تَعَالَى " إِلَّا أُمَم أَمْثَالكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَاب مِنْ شَيْء ثُمَّ إِلَى رَبّهمْ يُحْشَرُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • السحر بين الماضي والحاضر

    السحر بين الماضي والحاضر: في هذا الكتاب بيان لموضوع السحر بشيءٍ من التيسير والإجمال، وعرض لما كان عليه في الماضي والحاضر، وذلك خلال الفصول التالية: الفصل الأول: مفهوم السحر، وأنواعه. الفصل الثاني: أحكام تتعلق بالسحر والسحرة. الفصل الثالث: حل السحر عن المسحور (النشرة). الفصل الرابع: أسباب انتشار السحر، وبطلان زيف السحرة. الفصل الخامس: السحر في العصر الحاضر والموقف من السحرة.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355728

    التحميل:

  • الطعن في القرآن الكريم و الرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري

    الطعن في القرآن الكريم و الرد على الطاعنين في القرن الرابع عشر الهجري : يحتوي هذا الكتاب على بيان تاريخ الطعن في القرآن والكتب المؤلفة فيه، ثم بيان أسباب الطعن في القرآن، مواجهة دعاوى الطعن في القرآن، موقف الطاعنين من آيات القرآن والرد عليهم. - ملحوظة: الكتاب نسخة مصورة pdf من إصدار دار البشائر، نقلاً عن مركز تفسير للدراسات القرآنية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/90694

    التحميل:

  • تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار

    تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار : فإن من أفضل ما يتخلق به الإنسان وينطق به اللسان الإكثار من ذكر الله - سبحانه وتعالى -، وتسبيحه، وتحميده وتلاوة كتابه العظيم، والصلاة والسلام على رسوله محمد - صلوات الله وسلامه عليه -، مع الإكثار من دعاء الله سبحانه وسؤاله جميع الحاجات الدينية والدنيوية، والاستعانة به، والالتجاء إليه بإيمان صادق وإخلاص وخضوع، وحضور قلب يستحضر به الذاكر والداعي عظمة الله وقدرته على كل شيء وعلمه بكل شيء واستحقاقه للعبادة. وفي هذه الرسالة مجموعة من الأذكار والأدعية المشروعة عقب الصلوات الخمس، وفي الصباح والمساء، وعند النوم واليقظة، وعند دخول المنزل والخروج منه، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الخروج للسفر والقفول منه، وقد اقتصر المصنف - رحمه الله - على ما صحت به الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دون غيره؛ لتكون زاداً للمسلم وعوناً له بمشيئة الله تعالى في المناسبات المذكورة مع أحاديث أخرى في فضل الذكر والدعاء.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/70858

    التحميل:

  • المشروع والممنوع في المسجد

    المشروع والممنوع في المسجد : المسجد مدرسة الرجال، ومحضن الأبطال، وبقدر الاهتمام به وتفعيل دوره يوجد الرجال، وفي هذه الرسالة بيان أهمية المساجد في حياة المسلم، مع بيان المشروع والممنوع في المسجد.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66732

    التحميل:

  • أحكام تمنى الموت

    رسالة مختصرة في أحكام تمني الموت.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264153

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة