الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله وسلم تسليماً كثيراً.. وبعد:
فيا أيها الأحبّة:
إن العين لتدمع .. والقلب ليحزن ويتفطّر.. عندما يُبصر الواحد منّا حال أمة الإسلام في وقتنا الحاضر...
فكيف تُرى يكون هذا الحال..؟!
يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: « لتتبعنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟! قال: فمَن » [رواه البخاري ومسلم].
أجل أحبتي: تلك هي الحقيقة... وذلك هو الحال..!!
لقد فرَّط شبابنا وفتياتنا اليوم- إلا من رحم ربي- في ثوابت دينهم القِّيم.. ومضوا يسيرون دون وعي في دهاليز الضياع..!!
نعم.. ضاع شبابنا وفتياتنا حين فتحوا باب الاستيراد للقُدوات من خارج الحدود.. !!
ضاع شبابنا وفتياتنا حين تنكروا لتاريخهم.. وتَعَاظَم سُخفُهم.. وتزايد جَهلُهم بسَلَفِهم .. وقُدواتهم .. !!
ضاعوا – ويا له من ضياع – حين أسلموا قيادهم لليهود والنصارى فأصبحوا ألعوبتهم المفضّلة.. !!!
نعم أقولها وبمرارة.
أصبحوا ألعوبتهم المفضّلة...!!
كيف لا..؟!
وأنا أبصر مَن حولي: شيباً وشبَّاناً، صغاراً وكباراً، نساءً وفتيات، يسيل منهم اللّعاب لكل وافد جديد..!!
كيف لا.. ؟!
وقد أصبح تقليد العدوّ- أيّاً كان- هو التقدم والتمدُّن، وما سواه تخلف ورجعيّة...!!
إنّها الحقيقة.. يا من تبحثون عن الحقيقة..!!
حقيقة نبوءة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.. حين حذَّر أمَّته جحر الضّب...!!
حقيقة انقياد الأمّة لأعداءها في أخصّ خصائصها.. وأعظم منسك من مناسكها...!!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- يرحمه الله-: "إن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه :{لِكل أمةٍ جَعلنا مَنسكاً هُم ناسِكوه} [الحج:67] كالقبلة والصلاة والصيام، بل الأعياد هي من أخصّ ما تتميّز به الشرائع". انتهى.
ولأجل ذلك.. فقد أصبح لأمة الإسلام ببزوغ شمس هذا الدين أعيادها الخاصّة بها.. والتى لا تملك أمَّة من اُمم الأرض مشاركتها فيها...!!
ولا غرْو.. فالكل يعرف أن الإسلام قد منح معتنقيه عيدين عظيمين واحتفالين باهرين.. فليسو إذن بحاجة إلى غيرهما..
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر » [رواه أبو داود].
ولكن... واأسفاه... !!
ها نحن نُبصر اليوم من شبابنا وفتياتنا من يلهث وراء أعياد الغرب.. واحتفالاته.. دون وعي أو إدراك...!!
عيد الأم، عيد رأس السنة، عيد الحب.. عيد الميلاد.. وغيرها كثير.. كانت ولا زالت أمثلة مؤلمة على ضياع خير أمة أُخرجت للناس.. !!
قد يستغرب البعض.. ولكن إلى كلِّ من استغرب وعلت وجهه الدهشة: "قلِّب عينيك فيم سيأتي واحكم بنفسك" ولنأخذ (عيد الحب) مثالاً على عيد عمَّت البلوى به وطمَّت.. وهاكم الوقائع التي تشهد بذلك..
· لفيف من البنات دخلن قاعات المحاضرات يوم (14) فبراير وقد ارتدت كل واحدة منهن ثوباً أحمر .. بعد أن وضعت مساحيق التجميل الحمراء، وبدأن يتبادلن الهدايا ذات اللون الأحمر .
هذا ما حدث في جامعة إسلامية في بلد إسلامي .. احتفالاً بعيد الحب..!!
· في عاصمة دولة إسلامية، ارتفع سعر الورود في هذا اليوم بشكل جنوني فبلغ ثمن الوردة الواحدة (36) ريالاً بعد أن كان لا يتجاوز (5) ريالات فقط..!
· نظمت العديد من المراكز التجارية والمطاعم والفنادق احتفالات خاصّة بمناسبة عيد الحب... وانتشرت البالونات والألعاب والدمى في تلك المحلات والمجتمعات ... والعجيب أنّ جميعها تقع في بلدان إسلامية. ["مجلة الأسرة" عدد ذو الحجة رقم(81) لعام 1420هـ ].
أيها الأحبة: عندما نعرف القصة الكامنة وراء هذا العيد.. والأساس الوثني له .. نستطيع أن نُدرك- وبكلّ جلاء – ما يُراد بنا وبديننا من الهدم والتدمير...!!
لقد تعددت الروايات حول حقيقة هذا العيد- وهو عيد نصراني- إلى ثلاثة روايات أو أكثر.. وكلها تدور حول قسيس نصراني يدعى (فالنتاين) ثار في وجه الإمبراطور الروماني آنذاك حين منع عقد زواج بعدما لاحظ أن المتزوجين لا يذهبون للحرب..
فخالف فالنتاين أمره وظلّ يعقد الزيجات في كنيسته سراً حتى اكتشف أمره فسُجن.. وهناك وقع في غرام ابنة أحد حُراس السجن، وقبل أن يُعدم أرسل لها بطاقة مكتوباً عليها : "من المخلص فالنتاين" .. وذلك بعد أن تنصّرت- وكانت وثنية-مع (46) من أقاربها..
وبقي أن تعرفوا أحبتي أن هذا العيد ذو أساس وثني حيث أصبحت بعض البطاقات تحتوي على صورة طفل بجناحين يدور حول قلب الخبيبة وقد وجّه له سهماً...
أتدرون ما الذي يعنيه هذا الرمز...؟!
إن هذا الرمز .. وتلك الصورة.. إنما يُعبِّران عن (إله الحب) عند الرومانين الوثنين. [عن مطوية "عيد الحب: عيد القسيس فالنتاين"، بقلم: د.رقية المحارب، إصدار: دار القاسم (بتصرف) ].
إنه الداء الخبيث.. والذي يحتاج إلى استئصال سريع..!!
لقد أصيب الأكثرين من شبابنا وفتياتنا بمرض التقليد وخاصة لأولائك الذين تفوّقوا صناعياً.. وكانت الدنيا تحت أيديهم..!!
ولأجل ذلك.. كان من الواجب المحتم على كل فرد يُدرك أن لديه أدنى مسؤولية عن قيادة ركب الأمة إلى الأمام أن يسعى إلى توعية من حوله بأمر هذا العيد، وحقيقته.
وهنا.. تبقى النقطة الأخيرة.
إنها إطلالة مشرقة من نافذة الشرع المطهر لمعرفة حكم مثل هذا العيد ذي الأصل النصراني..!!
إن العيد مظهر من مظاهر الفرح يعتاده الناس في وقت معين، وهو أمر تعبُّدي يتزلّفون بإظهار هذا الفرح إلى الله تعالى.. فلا يجوز مشابهتهم في عباداتهم.
أجل أيها الأحبة.. ها هي ذي الحقيقة من كتاب الله .. وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعقيدة السلف الصالح.
لقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تنهى عن التشبه بالكفار وتبين أنهم في ضلال.. فمن تشبه بهم فقد قلّدهم في ضلالهم.
ومن أدلة تحريم التشبه بهم:
· يقول الله تعالى مادحاً عباده المؤمنين: {والذين لا يشهدون الزور وإذا مَرُّوا باللَّغوِ مًرُّوا كِراماً} [الفرقان:72]..
قال مجاهد والضحّاك: " الزور : أعياد المشركين". قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهكذا سمَّى الله تعالى أعيادهم زوراً، ونهى عباد الرحمن من حضورها وشهودها، فإذا كان حضور أعيادهم ومشاهدتها لا تنبغي.. فكيف بمشاركتهم فيها والموافقة عليها" ["اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية (1/426-427) ].
· حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: «من تشبه بقوم فهو منهم» . قال شيخ الأسلام : "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم " ["اقتضاء الصراط المستقيم" (1/241) ].
وبعد أحبتي: فتلك هي بعض نصوص الكتاب والسنة، ظاهرة المعنى جليّة الأحكام.. تُعلن في وضوح وصراحة أن من شابه الكفّار في أعيادهم فهو مثلهم ولا شك..
كما أنا هناك الكثير من الفتاوى التي أصدرها علماء الإسلام في بلاد الحرمين بشأن هذا الموضوع.. ودعونا نختار من بينها هذه الفتوى المتعلقة بـ(عيد الحب) والتي وردت إلى فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين يرحمه الله .
وإليكم نص الفتوى:
السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:
فقد انتشرت في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب وهو عيد من أعياد النصارى.. يكون الزي كاملاً باللون الأحمر وكذلك الحذاء، ويتم تبادل الزهور الحمراء. نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم..
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:
الأول: أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.
الثاني: أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح -رضي الله عنهم- فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شئ من شعائر العيد سواءً كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك... وعلى المسلم أن يكون عزيزاً بدينه وأن لا يكون إمَّعة يتبع كل ناعق..
أسأل الله تعالى أن يُعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه..
كتبه/محمد الصالح العثيمين في (5/11/1420 هـ).
وختاماً.. أيها الأحبة: فهذه هي حقيقة عيد الحب.. وتلك أدلَّته وأحكامه..
أفيليق بعد ذلك بالمؤمن العاقل أن يتلقاه بالترحاب، ويبسط يديه لاستقباله..؟!!
أفيليق بحفيدات عائشة وخديجة وسمية أن يلهثن وراءه.. ويبحثن عن أوقاته..؟!
أعتقد أن الدين ما دام قد قال كلمته فليس لنا إلا السمع والطاعة.. والعودة والإنابة.. {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضللاً مبينا} [الأحزاب:36].
أسأل الله جل وعلا بمنّه وكرمه أن يمنّ علينا بنعمة منه توقظ قلوبنا... وتنير دروب الهدى لنا.. إنه سميع مجيب.. آمين.