| كيف نتعامل مع أبنائنا في المهجر؟ 4541 زائر 05-08-2010 غير معروف دمحمد خروبات | كيف نتعامل مع أبنائنا في المهجر؟
بسم الله الرحمن الرحيم
نعيش في صيف كل عام عودة أفراد الجالية المغربية إلى أرض الوطن ، حيث في هذه الفترة تتكثف الاستعدادات لاستقبالهم حتى تكون عودتهم إلى أرض الوطن عودة مريحة ، من دون مشاكل وعراقيل ، ولا يخفى على البال الوضعية الصعبة التي يعيشها المهاجرون خارج أرض الوطن ، من أقواها أن هجرتهم إلى الخارج ليست نهائية ولا مطلقة ، فلا يخطر ببالهم أنهم استقروا خارج الوطن نهائيا ، وحتى الذين يظنون أنهم استقروا بهذه الصفة فالاستقرار النفسي غير وارد ، والاطمئنان إلى هذا الاستقرار غير حاصل ، وحتى حين يعودون فعودتهم إلى أرض الوطن ليست نهائية ومطلقة ، وعلى هذا الاعتبار فهم ذاهبون وقادمون...
إنهم شعب آخر خارج الوطن ، وهم جزء من شعب هذا الوطن ، فالرابطة بيننا وبينهم قوية ، رابطة دينية ورابطة وطنية ، بحكم الدين فهم إخواننا ، والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالأخوة في الله فيقول : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، وإخواننا في الوطنية لأن أواصر المواطنة تقتضي التفكير فيهم ، وحمل آلامهم وآمالهم ، فلم حقوق على الوطن ، وعليهم واجبات تجاهه.
للمهاجرين في أرض الغربة مشاكل كثيرة ، سنتوقف عند واحدة منها ، وهي مشكلة تؤرقهم وتتعبهم ، وتتمثل هذه المشكلة في الوضعية الصعبة التي يعيشونها مع أولادهم ، كيف يتعاملون معهم ؟ وكيف يربونهم؟
هذا هو سؤالهم الذين لخصوا به مشكلتهم ، لا يترددون في طرحه ، ولا يغفلون على إثارته ، وهم بذلك يريدون أجوبة شافية وحلول كافية له.
سنحاول في هذه الورقة تلمس الجواب عبر الفقرات الآتية :
1- كيف ظهرت المشكلة ؟
لم يكن هذا المشكل موجودا في تراثنا القديم ، ولم تصل المشاكل إلى هذه الحدة التي ظهرت بها في الوقت الحالي مع العلم أن أجدادنا الأوائل فتحوا الأقطار البعيدة واستوطنوا الأمصار النائية ، وخالطوا الشعوب على اختلاف أجناسها ، ومع كل ذلك لم تصل المشكلة إلى هذه الخطورة ، والسبب بسيط جدا هو أن الأوائل دخلوا إلى هذه الديار من موقع القوة ، وفرضوا النموذج الإسلامي على الغير ، لذلك عاشوا أساتذة ومربين ودعاة وهداة لشعوب العالم .
أما تواجد المسلمين في ديار الغرب فهو تواجد أتى من موقع الضعف ، ومن موقع الفقر ، ومن موقع الاضطهاد ، وإذا كانت رسالة الأسرة المسلمة في القديم هي التأثير في الآخر بغية تغييره وتحويله إلى قبلة الإسلام فإن رسالة الأسرة المسلمة اليوم تتمثل في البحث عن لقمة العيش ، لذلك عوض أن تكون فاعلة ورسالية ومؤثرة أصبحت مفعولة ومنفعلة ، وأمام ما نرى من هول الزوابع التي تتعرض لها الأسرة المسلمة في الغرب لم يعد بالإمكان مطالبتها بما هو فوق طاقتها ، بل أصبح المطلب ينحصر في المحافظة على هويتها من جميع النواحي.
نعي جيدا أن الجيل الأول الذي رحل إلى أوربا – وهي قبلة المسلمين الأولى- لم يكن هاجسه هو التفكير في الأبناء بقدر ما كان هاجسه هو التفكير في العمل ، والتفكير في الاندماج وتحصيل أوراق الإقامة الدائمة ، وهذه جميعا لم تكن تعطى منذ الوهلة الأولى ، بل عبر وقت طويل يصل إلى سنين عدة مما يجعل من المهاجر المغربي وغير المغربي يصرف كل اهتمامه إلى تحصيل وثائقه ولا يفكر في شيئ آخر ، لذلك انحصر الهاجس في العمل وطلب الاندماج ثم العودة إلى أرض الوطن .
لذلك ، فأمام هذه الوضعية لا نظفر في هذا الوقت سوى بصنفين من المهاجرين :
- صنف ترك أولاده خلفه ، وراح بمفرده ، فكان يذهب ويأتي ، ونسبة كبيرة من هؤلاء كانوا يزورون أولادهم مرة في العام ، وهي وضعية – كما نرى- صعبة جدا على المهاجر نفسه ، أما الأولاد والأهل فحدث ولا حرج.
- وصنف حمل أولاده معه ، وفي نيته العودة النهائية إلى وطنه ، حين تتاح الظروف وتتوفر الإمكانيات ، لكن حين توفرت لهذا الصنف إمكانية العودة التي يتيحها نظام التقاعد أو الاكتفاء والاستغناء عن العمل كان الأولاد قد كبروا واندمجوا في المجتمع الغربي ، وتولوا وظائف عمل داخل الدولة أو انخرطوا في مهن حرة الأمر الذي أوقع الأسرة أمام اختيارات صعبة .
هذا مع الجيل الأول ، لكن القضية تطورت مع الجيل الثاني والثالث، فقد أصبح الأبناء آباء وربما أجدادا ، ومن هنا لم تعد فكرة الرجوع إلى أرض الوطن والاستقرار فيه
تراود هذا الجيل ، فإذا كان الجيل الأول يفكر فيها ، ويسعى إليها فهذا الجيل لا يفكر فيها مطلقا ، ومنهم من كر على الممتلكات التي ادخرها آباؤه في الوطن فباعها وراح.
2- من الذي يفكر في الموضوع ؟ :
ليس كل مهاجر في الغرب يفكر في هذا الموضوع ، من المهاجرين من لا أولاد لهم ولا زوجات ، ومنهم من له زوجة وأولاد لكنه لا يفكر في الموضوع ، فهو يعيش وكفى على الرغم من وجود المشاكل ، هذه المشاكل لا تحركه ولا تبث فيه روح اليقظة والتساؤل، لذلك فسؤال : كيف نتعامل مع أولادنا في بلاد المهجر؟ لا تفكر فيه إلا الأسر التي تحس برسالتها في الحياة ، وبمسؤوليتها في الوجود ، الأسر التي تعلم أن الأبناء هم هبة من الله ، وليسوا نتاجا لنزوة عابرة ، وأن الاهتمام بهم واجب ، وتربيتهم ضرورة ، ثم إنها تدرك تماما أن التربية لا تنحصر في المأكل والملبس والمشرب ...هناك أمور أخرى لا يراها إلا من اتخذ من التربية الإسلامية معيارا ، ومن الدين مقياسا.
3- دواعي إثارة هذا الموضوع :
صحيح أن الأسرة الرسالية في الغرب هي التي تستفهم عن وضعية الأبناء ، فإذا كان الجيل الأول لا يعير للموضوع بالا لظروف الأمية والجهل والفقر والاستعمار فإن هذا الجيل تحرك للتساؤل والاستفهام ، والذي حركه لذلك دواعي كثيرة ، منها :
- دواعي الانحراف الذر يع ، والاعوجاج الشنيع الذي يتعرض له أبناء الجالية المغربية والجاليات المسلمة بصفة عامة ، وذلك عبر الغزو المنظم والممنهج ، فقد لاحظ هؤلاء أنهم يُجْرون مقايضة خطيرة غير مشعور بها حين يأخذون العملة الصعبة بيد ويدفعون في المقابل الأبناء والزوجة بيد أخرى .
- دواعي وسائل الإعلام الملتزمة والهادفة ، والتي تبث الوعي الديني والتربوي في الآباء والأولياء، وتذكرهم بواجبهم تجاه أولادهم ، وتحذرهم من خطورة التغافل عن هذا الموضوع .
- دواعي دعوية حركتها صحوة إسلامية راشدة في الغرب ، تجوب أقطار الغرب ، فتعمل على لم شمل المسلمين ، وتوحيد صفهم ، وتأتي قضية التعامل مع الأبناء وتربية الأولاد والعلاقات الأسرية في مقدمة الوعي التنويري .
هذه الدواعي كلها لم تكن متاحة للجيل الأول ، أو ربما لم تكن مشكلة تربية الأبناء قد تفاقمت إلى هذا الحد.
4- كيف نُقوِّم مشاكل الأسرة المغربية في الخارج؟
تقدم معنا أن الأسرة المغربية تعاني من مشاكل في المهجر ، وحلول هذه المشاكل يبدأ من عنصر الإحساس بها ، فالإحساس هو المقدمة الأولى نحو تلمس العلاج ، وأرى أن الخطوة الثانية بعد عنصر الإحساس هي خطوة البحث العلمي ، فالتعامل مع المشاكل تعاملا علميا يفضي إلى حلول علمية ، فلا بد من الوقوف عليها ميدانيا ، فلا يكفي اللعن والشجب ، فإيقاد شمعة خير من لعن الظلام ، وسيبقى الظلام مسيطرا ما لم تبادر بالضوء ، ويكون الضوء على قدر قدرة الإنسان ، وقد مثلوا للضوء بالشمعة لأنها في متناول الجميع .
تملك الأقطار الإسلامية معاهد ومؤسسات وجامعات ومراكز بحث ، فلا بد من هذه المؤسسات أن تدخل مشاكل أسر الجالية المسلمة إلى مختبراتها ، حين ترصد هذه المشاكل وتصنف فإن أخطرها يحظى بالأولوية في البحث العلمي ، وإذا أردنا أن نصنف هذه المشاكل تصنيفا أوليا قلنا أن من هذه المشاكل ما هو خاص، يخص الأسرة في ذاتها ويخصها في الارتباط بقطرها ووطنها ، وفيها ما هو عام ، يخص الأسرة المغربية كما يخص سائر الأسر المسلمة ، وقد تكون العمومية أكبر حين تخص كل الأسر الشرقية النازحة إلى الغرب مسلمين وغير مسلمين .
وفي هذه المشاكل ما هو ظرفي ، يزول بزوال الوقت ، وفيها ما هو دائم ، كما يمكن التمييز في هذه المشاكل بين مشاكل لها صلة بالشغل وبالدين وبالتعليم وبالتربية وبالمشاركة السياسية ، وما له صلة بالحقوق والوجبات .
كل ما هناك أن المشاكل هي كثيرة ومتنوعة ، وهي قابلة للتمييز والتصنيف على أسس عدة ، فهي ليست على شكل واحد ، وعلى نوع واحد ، ولذلك فهي بحاجة إلى التناول العلمي ، لا التناول العاطفي والغوغائي.
5- مستندات البحث والمعالجة :
إذا نظرنا إلى تاريخ تواجد الجالية المغربية بالمهجر، وما صاحب هذا التواجد من مشاكل نجد أن أفراد الجالية المغربية مع الجالية المسلمة الأخرى قد بدأوا يواجهون هذه المشاكل بأنفسهم ، فقد عوّلوا في البداية على إمكانياتهم الذاتية المحدودة ، ولعل السبب الرئيس يرجع إلى أن هذه المشاكل تخصهم بالدرجة الأولى ، فهم أهلها ، وهم المكتوون بنارها ، ولا أحد يمكنه أن يدرك حجم خطورتها عليهم أكثر من أنفسهم ، وقد استندوا في التصدي للمعالجة على عاملين :
الأول : تعاونهم مع الجاليات المسلمة الأخرى ، فالمشكلة هي واحدة ، ولا بد من إخراج المشكل إلى العلن ، فليس فيه ما يدعو إلى الإخفاء والستر ، يجب طرحه على الملإ ، في الفضائيات وعلى وسائل الإعلام ، ثم يتولاه العلماء بالبحث والدرس والمعالجة ، في ندوات ومحاضرات وفتاوى عبر الأقمار الاصطناعية ، ومما يؤكد ذلك أن نسبة كبيرة من أسئلة المستمعين هي من أفراد الجالية المقيمة ببلاد المهجر.
الثاني : استفادتهم من الحقوق التي يكفلها لهم قانون البلد الذي يستقرون فيه ، فبحكم الإقامة والجنسية والمسؤوليات أصبحت لهم حقوق وواجبات عبرها خففوا من حدة مشاكلهم ببناء المساجد والمعاهد والمدارس والمشاركة السياسية التي تؤدي إلى المشاركة في اتخاذ القرار.
المشكلة إذا لم تخرج إلى العلن ويتلمس لها الجميع حلول ناجعة فإنها تتركب وتتكعب ، ثم إن في المسألة قضايا أخرى ، وهي أن أفراد الجالية يجدون في الأئمة والوعاظ والدعاة سندا لهم ، ويجدون في العلماء والباحثين والدارسين من يواسيهم في محنتهم ، ولربما وجدوا عندهم علاجا شافيا أو حلا نهائيا ، كما يجدون في المسئولين على صعيد الوطن الذي ينتمون إليه خير معين وخير مساعد .
6- ما هي الأمور التي يجب تربية الأبناء عليها ؟
الأبناء هم ثمرة شجرة الأسرة ، فقوام الأسرة أبناؤها ، إذا صلحوا صلحت وإذا فسدوا فسدت ، أي ربح تجنيه الأسرة إذا فسد أبناؤها ؟ إنها الخسارة والضياع ، خسارة الكدح والسعي والحرث ، ومن هنا تدرك الأسرة الواعية والمسئولة جسامة هذه المغامرة الصعبة ، الزواج كالبحر باطنه سحيق ، وظاهره أمواج متلاطمة ، لا يدخله إلا من يجيد السباحة وحسن قيادة المركب .
وهذه مجموعة من النصائح تمت بالاستقراء العام من التربية الإسلامية ، وبالاستقراء أيضا لمشاكل أفراد الأسرة في الغرب بخصوص تربية أولادهم وما نتج عن ذلك من تساؤلات ملحة حول كيفية التعامل معهم ، وهي بمثابة مبادئ نحسبها – إن شاء الله تعالى- نافعة لكل أسرة تسعى إلى تربية أولادها وفق المبادئ الشرعية والقيم الدينية المثلى ، نحصرها في عشرة مبادئ ، وهي :
6-1- ربط الأبناء بدين الإسلام : وهذا مبدأ أصيل ، لا يجب على الآباء والأولياء في ديار الغربة أن يتغافلوا عليه ، فالابن إذا لم يوجه إلى دين الإسلام وجه إلى غيره ، وحتى دعاوى الانسلاخ من الدين مطلقا هو في عرف الحضارة المادية دين بحد ذاته ، وهو من الواجبات على الآباء والأولياء، وهم مسئولون عنه في الدنيا وفي الآخرة .
لقد أوصى الله ونبيه بدين الإسلام فقال تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام )،وقوله :( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ، وقوله : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ، وما وصينا به موسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ).
كما أوصى الإنسان بالالتزام بدين الإسلام في نفسه ، فقال تعالى : ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) ، وأوصاه في أهله فقال : ( قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) ، كما جاءت الوصية بالأولاد في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ..).
ونعني بالإسلام هنا : الصلاة والزكاة والصيام وذكر الله وحج البيت لمن توفرت لديه الاستطاعة ، وقراءة القرآن والمسجد ومعرفة نبي الإسلام ....
6-2- طاعة الوالدين : يجب أن يكون عنصر طاعة الوالدين راسخا في نفوسهم ، ويجب تعليمهم أن هذه الطاعة ليست عادة من العادات ، أو هي أمر واقع بالحرية والاختيار: إن شاءوا أطاعوا وإن شاءوا عصوا ،إن الطاعة في قيمنا واجبة ، وهي قيمة من قيم الإسلام .
ذكرت هذا لأن الآفة الكبرى التي يعاني منها الآباء في الغرب هو طابع التمرد والعصيان ، بل أذهب أكثر من ذلك وأقول : طابع ثورة الأبناء على الآباء ، الأبناء يفعلون ما بدا لهم ، وباسم الحرية التي يخولها لهم القانون في الغرب يرتكبون أفظع المنكرات ، وأبشع المخالفات الشرعية أمام عيون آبائهم ، فلا يملك الآباء المساكين سوى أنهم يموتون غيضا وكمدا على ما آلت إليه أوضاعهم ، تكون النتيجة فقدان السعادة الأسرية ،وتراكم الأمراض النفسية والعضوية والعقلية وبالتالي الموت البطيء أو السريع ... ومن يبالي .
6-3- الاحترام في داخل البيت : البيت هو وعاء للعيش المتبادل يجب المحافظة عليه بالاحترام المتبادل ، الصغير يحترم الكبير ، والكبير يقدر الصغير ، والأنثى تقدر أخاها ، والأخ يحترم أخته ، إذا فقد الاحترام من البيت يصبح البيت جحيما ، ومن هنا يفكر كل واحد في هجرانه .
إن الاحترام المراد هنا هو الاحترام المرفق بالتعاون والتعاضد والتناصح ، أرأيت لو أن فردا واحدا من أفراد الأسرة أصيب بمرض عضوي معدي ألا يؤثر ذلك في البقية ؟ كذلك إذا ظهرت في واحد من أفراد المجموعة علة خُلقية أو انحراف فلا بد من تقديم النصح له ، ولا بد من الأخذ بيده وإلا سرت العلة إلى من معه ، كعلبة الو قيد تماما ، إذا اشتعلت واحدة تبعها الباقي.
6-4- التأكيد على صلة الرحم ، وبيان أنها ليست مجرد " زيارة" visite بل صلة رحم ،وقد حث الشرع عنها ، من وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعه ، وهي واجبة في حق المسلمين قاطبة ، وإذا تعوذ الأبناء على هذه الخصلة أصبحت خلقا دائما لا يتوقف ، ومجيؤهم إلى بلدهم إنما يكون بدافع صلة الرحم حتى يكون للزيارة معنى وهدفا ، وليس مجرد سفر يتم فيه التمتع بالعطلة الصيفية.
7-4- التأكيد على حب الوطن ، وبيان أن حب الأوطان من المروءة والإيمان ، وعليهم أن يعلموا أنه لا يوجد إنسان على ظهر الأرض لا يحب وطنه ، وقد تعلموا من عادات وقوانين الغربيين أن حب الوطن والوفاء له والارتباط به يأتي في سلم الأولويات .
7-5- تذكيرهم بوظيفتهم في الحياة ، لماذا خلقوا ؟ ومن خلقهم ؟ وكيف خلقوا ؟ وماذا يفعلون على ظهر الأرض ؟ وما المطلوب منهم في هذه الحياة ؟ وإلى أين هم صائرون ؟ لعل أسئلة من هذا النوع مع أجوبة دقيقة ومركزة كافية بأن تجعل لحياتهم هدفا ومعنى ، وهذا من طبيعة الحال يستثمر في طريقة هجرتهم وكيفية تواجدهم على أرض الغربة.
7-6- ارتباط الأسرة بمجالس ذكر، وبمجالس علم ، يحضرها الصالحون والعلماء المربون ، فالبيت من هذه الناحية ينتعش وتذب فيه الحياة .
7-7- كشف سلبيات الحضارة الغربية وبيان عيوبها ، فالكثير من أبنائنا في المهجر لا يعرفون غير الوجه الإيجابي للحضارة الغربية ، أما الذين هم في بلدهم الأصلي فهم يتشوفون إلى الهجرة إلى درجة أنهم يغامرون بأموالهم وأرواحهم في ذلك ، ولعل السبب في ذلك يكمن في الصورة التي تضخمت في مخيلتهم عن الغرب وحضارته .
بلاد المهجر كلها مغريات ، وطرق الانحراف كثيرة ، ووسائل الاستهلاك هي الغالبة والمسيطرة إلى درجة أن الآباء لا وقت لهم ، فهم منشغلون ، مستهلكون ، ومنهكون ، وهذا كله ليس عذرا لهم لإهمال الأولاد ، وعدم تخصيص وقت كاف للتربية والتوجيه والعناية والرعاية .
7-8- ربطهم باللغة الأم وهي اللغة العربية ، فالكثير من العوائل يعلمون أولادهم فروض العبادة والطاعة وأشياء من السيرة النبوية والحديث والفقه لكن كل هذا مترجما إلى اللغات الحية ، ويلاحظ أن هناك تقصيرا ظاهرا في تعليم الأبناء اللغة العربية ، فالأسر تجعل من اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الإسبانية هي لغة التخاطب اليومي داخل البيت، ومعلوم أن البيت هو مجال التربية ، ووكر التلقين والتعليم ، لأنه الإطار الوحيد للتحكم في الأيناء.
7-8- الإنتباه إلى أصدقاء الولد وصديقات البنت ، من هم ؟ وكيف هو سلوكهم وتربيتهم ؟ هل يجني من رفقتهم الصلاح أم لا .
إن عامل جهل الآباء لرفقاء أولادهم هو بداية الإنحراف ، لا بد من التعرف عليهم ، والكلام معهم ، والحوار في الأمور التي تخص مستقبلهم ، فصديق ولدك هو مثل ولدك ، لا بد أن ترى فيه ما ترى في ولدك ، وتحب له ما تحب لولدك ، ثم إن الأمر يجب أن لا يقف عند هذا الحد بل لا بد من التعرف على آباء وأولياء صديق ولدك ، وهذا أبلغ في المراقبة، وأضبط لعامل الصحبة.
أصدقاء ولدك على نوعين :
- إما أنه يعاشر الأشرار والفجار ومن هنا فإن الطفل في خطر شديد .
- وإما أنه يعاشر الصالحين وأهل الخير فهذا في عافية.
- وإما أنه يخلط بين أولئك وهؤلاء ، فهذا قريب من الشر ، يجب أن يساعد على ترك صحبة الأشرار ومعاشرة الأخيار.
وأولادنا - لاسيما في بلاد الغربة - هم في أمس الحاجة إلى معاشرة الصالحين من المسلمين ، والجديين المتخلقين من أبناء الجنسيات الأخرى ، وهذه هي طريقة الاندماج الحقة ، الاندماج الفاعل والايجابي لا السلبي والانتهازي.
7-9- القدوة الحسنة : فالأبناء هم في حاجة إلى من يقودهم ، وأن يجدوا في قائدهم المثل والقدوة ، وهذه هي مهمة الآباء والأولياء والمعلمين والمربين ، وأكبر خلل يصيب العملية التربوية هو حين يكتشف الأبناء عدم صلاحية القدوة ، فالابن لا يسمع لأب يرشده إلى الصلاة وهو لا يصلي ، أو إلى الكلمة الطيبة وهو لا يقولها ، أو إلى مصاحبة الأخيار وأصدقاء الأب والأم من الأشرار ، أو يرشده وليه إلى صلة الرحم والولي يقطعها ... إلى غير ذلك من الظواهر السلبية التي تعاني منها الأسرة في الداخل والخارج .
القدوة الحسنة هي أن يضرب الآباء المثل من أنفسهم لأولادهم ، فالأولاد يتأثرون بالممارسات والسلوك والمعاملات داخل البيت أكثر من تأثرهم بالمواعظ والتوجيهات .
| | |