لا شك انه لايثبت في الحياة الدنيا امام الشهوات ، والشبهات ، والاهوال الا من يحمل في قلبه قوة العقيدة التي لا تعدلها أي قوة مادية كانت او بشرية !
ها هي جموع المسلمين في مؤته عددها ثلاثة الاف ، تقابل مائة الف من الروم ، بعقيدة الصبر ، والصمود ، والتوكل على الله ـ تعالى ـ وحده ، وهاهو احد المسلمين يقول لخالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ وقد رأى تلك الجموع الضخمة من الاعداء ، يقول : يا خالد الى اين الملجأ ؟ أإلى سلمى وأجأ ؟ فتنحدر الدموع من عيني خالد ، ويصمد ويقول ـ وهو واثق بنصر الله ـ: لا الى سلمى ولا الى اجا ولكن الى الله الملتجأ 0
وها هو صلاح الدين الايوبي تأتيه رسالة تدعوه انقاذ البمسجد الاقصى من الصليبيين ، فعند ذلك ينهض صلاح الدين نهضه لاتعرف الضعف والكلل، ويقود ـ رحمه الله ـ حملة قوية لا تبقي ولاتذر ، ويشحذ همم المجاهدين ويهييء الامة لاسترداد مسجدهعا الذي يئن تحت وطأة الصليبيين ، فشن عليهم هجوما قويا ، كسر شوكتهم ، واعاد المسجد الاقصى الى المسلمين 0
ونحن اليوم نسأل الله ـ تعالى ـ ان يظهر في الجيل المسلم العائد الى ربه من ينفض عن الامة الغبار ، ليصرخ فيها : ان ارجعي ايها الامة الى دينك ، ولترفضي كل مايدعوك اليه اولئك الكفرة من اليهود واذنابهم باسم الصلح والمعاهدة ، وهي في الحقيقة مكر وخبث وضحك على الذقون 0
ان الامة ـ باذن الله ـ لن ينقصها من يثور ثورة صلاح الدين مرة اخرى ليحيي في نفوس المسلمين العمل ـ بقوله ـ تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله باديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم 00 ) " التوبة : 14 ، 15 " ، ونسأل الله تعالى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه اليهود مشردين مطرودين ، قد اعمل المسلمون فيهم مدافعهم وقنابلهم وطائراتهم ، فلم تبق منهم احدا ، وما ذلك على الله بعزيز 0
* * *
ايهــا الاخـــوة
هل ننسى موقف الاستاذ سيد قطب ـ رحمه الله ـ ذلك المفكر الرائد ، والداعية المجاهد ، هل ننسى موقفه حين طلب منه كلمات يسيرة يسترحم فيها الحاكم في وقته ؟
لقد ارسلوا اليه خته حميدة قطب لتبلغه مايريدون منه ، فاجاب : " انهم لايستطيعون لانفسهم ضرا ولانفعا ، ان الاعمار بيد الله ، وهم لايستطيعوناطالة الاعمار ، ولا تقصيرها ، كل ذلك بيد الله 000 و الله من ورائهم محيط " 0
ولما سمع سالحكم عليه بالاعدام قال : الحمد لله ، لقد عملت خمسة عشر عاما لنيل الشهادة 0 واننا لنلمس قوة العقيدة عند هذا الرجل حين يعلنها صريحة مدوية في الارجاء 0 " ان اصبع السبابة الذي يشهد لله بالوحدانية في الصلاة ليرفض ان يكتب حرفا يقر به حكم طاغية !! " لا اله الا الله 0
ما اعظم موقف المؤمن حين يتخلى عن كل شيء في الحياة من اجل كلمة الحق ، من اجل ": لا اله الا الله " ولكأنما سيد ـ بعقيدته وايمانه ـ يعلن للناس بكل وضوح ، ودون مرواغة :
سأبقى في جبين الصـــبر وشما ليس ينفصــل اشرع هامــتي للنــــار للاشــواك انتعــل وأرقب هبة الايمـــــان يحدوها الشذا الخضـل ولك قذيفة يشـــــــدو على انغامها الامـــل
ايهــا الاخ الكريـــم
بهذا نعلم جيدا ان المسلم حقا والمؤمن صدقا لا يمكن ابدا ان يتعلق بغير عقيدته ، التي تصله برب الارض والسماء ، لايخضع الا لله ، ولايخاف الا من الله ، ويوقن انه لاسعادة لانسان ، ولانجاة له من الانجراف في الانهيار السريع الذي تورطت فيه الجطاهلية من حوله الا ان يلجأ الى هذه العقيدة يستهديها الطريق ، فتجيبه الجواب الصحيح على لاسئلة التليدة لكل انسان ، فيكتشف ان ادعياء الفكر هم الذين اقاموا الحجاب بينه وبين فطرته 0
يومها فقط سيذوق معنى السعادة :"
ان السـعادة ان تعيـــش لكفرة الحـق التليــد لعقيدة كبرى تحــــــل قضيـة الكون العــتيد وتجيب عما يسأل الحــير ان فــي وعي رشـيد من اين جئت ؟ واين اذهب ؟ لم خلقـت ؟ وهل اعود؟ فتشيع في النفس اليقــين وتطرد الشـك العنيــد وتعلم الفكر الســـــوى وتصــنع الخلق الحميد وترد للنهج المسـدد كــل ذي عقـل شــــرود لعطي حياتك قيمـــــة رب الحيــاة بها يشيد ليظل طرفك رانيــــــا في الافق للهـدف البعيد فتعيش في الدنيا الاخــرى لا تـزول ولا تبيـــد وتمد ارضك بالســــماء وبالملائكة الشـــهود هذه العـقيدة للســــعيد هي الاساس هي العمود من عاش يحملهــا ويهتف باســـمها فهو السعيد
بقلم : عبدالحميد بن عبدالرحمن السحيباني
|