| الضوابط الشرعية للسفر الى الخارج 2095 زائر 01-08-2010 الدكتور عصام عبده |
يقول الدكتور عصام عبده رئيس وحدة الدراسات بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية
ان السفر انواع أعلاها وأشرفها سفر الطاعة، كالسفر للجهاد في سبيل الله والحج والاعتمار وطلب العلم الشرعي وبر الوالدين واغاثة الملهوفين، ثم يأتي بعد ذلك السفر المباح كالسفر للتجارة فيما أحله الله من اصنافها، والعلاج وزيارة الاوطان والنزهة والمتعة في حدود ما أباحه الله، وهي التي لا يخالطها إثم اما القسم الثالث فهو السفر المحرم، وهو الذي يقصد منه صاحبه السفر لاقتراف المعاصي والآثام والوقوع في الفواحش وقطع الارحام والظلم والبغي والتعدي على حرمات المسلمين، ويضيف ان على المسلم تحري ان يكون سفره سفر طاعة لا تخالطه معصية، خاصة ان السفر قطعة من العذاب لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ابو هريرة رضي الله عنه »السفر قطعة من العذاب يمنع احدكم طعامه وشرابه ونومه، فاذا قضى احدكم نهمته فليعجل الى اهله«، كما ينبغي للمسافر ان يعلم ان سفره فرصة للتقرب الى الله بخدمة اخوانه ورفقته في السفر، وانه يستطيع ان يحول هذا السفر من امر من امور العادات الى امر من امور العبادات لقوله صلى الله عليه وسلم: »والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه« ولقوله: »كل معروف صدقة« ولأن هذا كان خلق السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين. ويوضح الدكتور عصام عبده انه يسن للمسافر ان يقول الادعية المأثورة في ركب الدابة والسفر وهي الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا استوى على بعيره خارجا الى سفر كبر ثلاثا ثم قال: »سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وانا الى ربنا لمنقلبون، اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم انت الصاحب في السفر، والخليفة في الاهل، اللهم اني اعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والاهل والولد« واذا رجع قالهن وزاد فيهن: »آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون« رواه مسلم. ومن السنة ان يكبر المسافر كلما صعد الثنايا واشباهها كالجسور والكباري مثلا، ويسبح كلما هبط الاودية واشباهها كهبوطه من الجسر لحديث جابر رضي الله عنه قال: (كنا اذا صعدنا كبرنا واذا نزلنا سبحنا)، وهذا يتحقق ايضا عند صعود الطائرة وهبوطها. وليعلم المسافر ان دعاءه حال سفره مستجاب اذا كان في سفر طاعة او سفر مباح لحديث انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده) رواه الترمذي، وليحذر المسافر على متن الطائرة من تعاطي ما حرمه الله كالخمور التي تقدم في بعض الطائرات فهي ام الخبائث، قال تعالى: »يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون«.
ويحدد د. عصام عبده من النصائح الشرعية الضرورية عند السفر واثناء الوجود خارج الوطن ومنها: ان تكتب وصيتك قبل سفرك حيث تتضمن هذه الوصية امر أهلك وابنائك وكل من هم تحتك بتقوى الله ولزوم الاستقامة على امر الله، وتبين فيها ما عليك للناس من التزامات وحقوق، وكذلك ما لك عند الآخرين من حقوق، ولك ان تخصص بعض الاجزاء في الوصية لبعض الافراد من عائلتك ممن ترى انهم يحتاجون الى نصائح خاصة، وكذلك بضرورة رد الودائع المودعة عندك لاصحابها، وكذلك ان كان عليك دين فأده لاصحابه او استسمحهم في تأجيله. والاعتذار لكل من أسأت اليه قبل ان تسافر فلا تسافر الا وقد أزلت كل شحناء كانت بينك وبين الآخرين. وان يكون سفرك للطاعة، واعزم على عدم ارتكاب المعاصي اثناء السفر وبعده وفي كل وقت، وعاهد نفسك على ذلك، والتزم بالسنن والآداب الشرعية حال السفر ومنها: استحباب السفر يوم الخميس ان امكن لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب ان يخرج يوم الخميس، وفي رواية في الصحيحين: »لقلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الا في يوم الخميس«. واستحباب التبكير في السفر ان امكن (وخصوصا للسفر عن طريق البر) لحديث صخر بن وداعة الغامدي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »اللهم بارك لأمتي في بكورها«. واحرص على طلب الرفقة واحرص على ان تكون هذه الرفقة صالحة لحديث ابن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »لو ان الناس يعلمون من الوحدة ما اعلم ما سار راكب بليل وحده« رواه البخاري، ولحديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »انما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك اما ان يحذيك واما ان تبتاع منه واما انت تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير اما ان يحرق ثيابك واما ان تجد منه ريحا خبيثة« متفق عليه. واذا سافرت مع مجموعة فأمِّروا عليكم احدا منكم حتى لا يقع بينكم شقاق او خلاف لحديث ابي سعيد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »إذا خرج ثلاثة فليؤمروا احدهم« رواه ابو داود. ويجب ان تراعي في سفرك حال الاضعف لا حال الاقوى وتقدم احتياجات المريض على غيره لحديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير فيزجى (يرفق به في السير) الضعيف ويردف ويدعو له. رواه ابو داود. كما يسن للمسافر ان يجمع ويقصر الصلاة ويجدر به ان لا يضيع مثل هذه السنن لانها لا تتحقق الا في مثل هذه الاحوال. وللمسافر ايضا ان يمسح على الخفين وما في حكمهما كالجوربين - اذا احتاج الى المسح - ثلاثة ايام بلياليها لحديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن المسح فقال للمسافر ثلاثة ايام بلياليها وللمقيم يوم وليلة. وتسقط سنن الصلاة عن المسافر - ان شاء - رخصة من الله عدا الوتر وركعتي الفجر، فقد ورد انه صلى الله عليه وسلم لم يدع ركعتي الفجر سفرا او حضرا، ولحديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل اشد معاهدة على الركعتين قبل الفجر ولحديث »ان الله وتر يحب الوتر«. واذا التحق المسافر بصلاة الجماعة في مسجد من المساجد فانه يصلي بصلاة الامام اي يتم الصلاة ولايقصرها، ولكن يجوز له القصر اذا هو صلى هو مع جماعة المسافرين او قدمه اهل المسجد المقيمون ليصلي بهم إماما فحينئذ يقصر ثم يقول بعد تسليمه »اتموا صلاتكم« فإنا قوم سفر لحديث عمران بن حصين قال ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة اقام بها ثماني عشرة ليلة يصلي باهل مكة ركعتين الا المغرب ثم يقول: يا اهل مكة اتموا صلاتكم فانا قوم سفر. ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان عمر رضي الله عنه كان اذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم قال: يا أهل مكة اتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
| | |